كتبت/ منى عيد
تقول د دينا ياقوت استشاري اعادة هيكلة الشركات والمصانع و عضو مجلس المستشارين بالجمعية الأوروبية للإدارة والتسويق،
خفض أسعار الفائدة هو أداة رئيسية تستخدمها البنوك المركزية لضبط الاقتصاد الوطني.
في مصر، يعتبر هذا الإجراء من أكثر الأدوات فعالية في التأثير على عدة قطاعات، بما في ذلك قطاع الصحة والدواء لأن خفض أسعار الفائدة يمكن أن يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على أسعار الدواء، وهو موضوع هام جدا نظرًا لأن مصر تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية، بالإضافة إلى وجود قطاع صناعي دوائي كبيرجدا.
أولاً: العلاقة بين أسعار الفائدة والتضخم
لنفهم أثر خفض الفائدة على أسعار الدواء، يجب أولاً توضيح العلاقة بين أسعار الفائدة والتضخم. عندما تقوم البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة، فإن ذلك يشجع الشركات والمستهلكين على الاقتراض بسبب انخفاض تكلفة الاقتراض و هذا يؤدي فى العادة إلى زيادة الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي، مما يؤدى الى زيادة الطلب العام في الاقتصاد. هذه الزيادة فى الطلب قد تؤدي إلى ارتفاع في التضخم إذا لم تكن مصحوبة بزيادة مماثلة في الإنتاج.
تأثير خفض الفائدة على شركات الأدوية
1. انخفاض تكاليف الاقتراض: عندما يتم خفض أسعار الفائدة، تقل تكلفة الاقتراض بالنسبة لشركات الأدوية، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية والمرافق الإنتاجية أو زيادة حجم الأبحاث والتطوير و هذا يساهم في تحسين القدرة الإنتاجية للشركات وبالتالى زيادة كمية الأدوية المتاحة في السوق، مما قد يؤدي إلى استقرار أو حتى خفض أسعار بعض الأدوية.
2. تمويل الأبحاث والتطوير: شركات الأدوية تعتمد بشكل كبير على التمويل من أجل البحث والتطوير. مع خفض أسعار الفائدة، يمكن للشركات الحصول على التمويل اللازم بسهولة أكبر وبتكلفة أقل. زيادة الاستثمار تؤدي إلى إنتاج أدوية جديدة أو تحسين تقنيات الإنتاج، مما قد يؤدي في النهاية إلى خفض تكاليف الإنتاج وأسعار الأدوية. على نحو أفضل.
3. تحفيز الطلب المحلي: انخفاض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تحفيز الطلب المحلي على الأدوية بسبب زيادة الإنفاق الاستهلاكي العام. زيادة الطلب على الأدوية قد تدفع بعض الشركات إلى رفع الأسعار أو تقنين الانتاج إذا لم تستطع مواكبة زيادة الطلب بالقدر الكافي من الإنت
4. . تعزيز القدرة التنافسية لشركات الأدوية المحلية: مع انخفاض تكاليف التمويل، تستطيع شركات الأدوية المصرية تحسين إنتاجها وزيادة كفاءتها، ما يجعلها أكثر قدرة على التنافس مع الشركات الأجنبية. هذا يعزز التواجد المحلي للأدوية، وقد يؤدي إلى انخفاض الأسعار نتيجة لتحسن العرض المحلي وتقليل الاعتماد على الأدوية المستوردة ذات التكلفة العالية.
5. زيادة الاستثمارات في قطاع الأدوية: خفض الفائدة فى العادة يشجع المستثمرين على ضخ المزيد من الأموال في القطاع الصناعي، و هذا يشمل قطاع الأدوية. و بالتالى فان زيادة الاستثمار في هذا المجال قد تؤدي إلى تحسين التكنولوجيا المستخدمة في التصنيع ورفع كفاءة العمليات. و قد يمكن أن يؤدي إلى تقليل التكلفة الإنتاجية، وبالتالي خفض أسعار الدواء على المدى الطويل.
6. تسهيلات حكومية ومبادرات للدعم: عندما يتم خفض الفائدة، يصبح للحكومة مجال أكبر لتقديم قروض ميسرة وتسهيلات للشركات العاملة في قطاع الأدوية. هذا الدعم الحكومي يمكن أن يسهم في تقليل الأعباء المالية على الشركات وبالتالي يعزز قدرتها على تقديم أدوية بأسعار أقل للمستهلكين.
التأثير على المستهلكين
تحسين القدرة الشرائية: عندما يتم خفض أسعار الفائدة، و دفع عجلة الاستثمار فهذا الامر يزيد من القدرة الشرائية بشكل عام. هذا قد يتيح للمستهلكين شراء الأدوية بأسعار مناسبة و سيستفيد المستهلكون بشكل مباشر من زيادة القدرة الشرائية.
التأثير على النظام الصحي
1. زيادة الاستثمارات في القطاع الصحي: خفض الفائدة قد يشجع على زيادة الاستثمارات في القطاع الصحي، بما في ذلك إنشاء مصانع جديدة أو تطوير القدرات الحالية لتصنيع الأدوية. زيادة العرض من الأدوية المحلية قد يساعد في خفض الأسعار، وخاصة للأدوية التي تعتمد على التصنيع المحلي.
2. الرقابة على الأسعار: مع خفض الفائدة وزيادة النشاط الاقتصادي، قد تكون هناك حاجة لزيادة الرقابة على أسعار الأدوية لضمان عدم استغلال بعض الشركات للطلب المتزايد برفع الأسعار بشكل غير مبرر. الجهات الرقابية في مصر تلعب دورًا كبيرًا في هذا المجال، ويعتبر الحفاظ على استقرار أسعار الأدوية هدفًا رئيسيًا لها.
التوقعات المستقبلية
من الصعب التاكد بمدى استمرار او تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار الأدوية نتيجة لخفض الفائدة، حيث يعتمد الأمر بشكل كبير على عوامل أخرى مثل استقرار سعر الصرف والتضخم العالمي والطلب على الأدوية. ومع ذلك، هناك بعض الاحتمالات:
• سيناريو إيجابي: إذا استمر خفض الفائدة لفترة طويلة وتمكنت الشركات من زيادة إنتاجها محليًا مع تقليل الاعتماد على الاستيراد، فقد نرى استقرارًا أو حتى انخفاضًا في أسعار الأدوية على المدى الطويل.
• سيناريو سلبي: إذا أدى خفض الفائدة إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير وزيادة تكلفة الاستيراد بسبب تراجع قيمة الجنيه، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع في أسعار الأدوية، خصوصًا تلك المعتمدة على المواد الخام المستوردة.
خفض أسعار الفائدة في مصر له تأثيرات متباينة على أسعار الأدوية، تتراوح بين الإيجابية والسلبية حسب الظروف المحيطة. فعلى المدى القصير، قد تستفيد شركات الأدوية من انخفاض تكاليف الاقتراض، مما يمكن أن يعزز استثماراتها ويزيد من قدرتها الإنتاجية. و لكن في الوقت نفسه، قد ترتفع تكاليف الاستيراد بسبب ضعف العملة المحتمل، مما يؤدي إلى ارتفاع في أسعار بعض الأدوية.