728x90
728x90
previous arrow
next arrow
دنيا و دين

العفو والصفح فى ميزان العدل يوم القيامه

728x90
728x90
previous arrow
next arrow

بقلم / محمـــــد الدكـــــرورى

هل تعلم أخى المسلم من هو الذى أجره على الله يوم القيامه ؟ وهل تعلم الثواب الذى أعده الله عز وجل لمن كان أجره عليه سبحانه فلنعلم جميعا هذا الموقف العظيم ولنفكر فيه جيدا فيقول النبى صلى الله عليه وسلم ” إذا وقف العباد للحساب ، جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما ، فازدحموا على باب الجنة ، فقيل : من هؤلاء ؟ قال : الشهداء كانوا أحياء مرزوقين، ثم نادى مناد : ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ، ثم نادى الثانية : ليقم

من أجره على الله فليدخل الجنة ، قال : و من ذا الذي أجره على الله ؟ قال : العافون عن الناس ، ثم نادى الثالثة : ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ، فقام كذا و كذا ألفا فدخلوها بغير حساب ” ..

ومن هنا نفهم من الحديث أن العفو ثوابه الجنه ويجب أن نعلم أن العفو عن الناس والصفح دليل على كمال الرجولة والمروءة، وعنوان سلامة الصدر من الغش والحقد والحسد والضغينة، وأما الانتصار للنفس والتشفي والانتقام فهو دليل ضعف النفس، وحب الذات والغلظة والفضاضة، وقسوة القلب وضيق العطن، فالمنتقم عدو عقله، يغضب لأتفه سبب، ويجلب لنفسه العداوات والكدر، والاضطراب والقلق، بل والوهن في جسده .

ويقول الله عز وجل ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ والعفو هنا بجب أن يصلح لا يفسد، يقوِّم لا يهدم، يصفّي ويطهر لا يشقي ويدمِّر، بمعنى أن العفو مقيَّد بالإصلاح، بحيث لا يتمادى المسيء في إساءته، ولنعلم جميعا أن ديننا ليس أقوالاً نردِّدها، أو شعارات نعلنها ثم لا نطبق منها في الواقع إلا ما تمليه علينا أهواؤنا وتشتهيه أنفسنا، ولكن ديننا قِيَمٌ نعتنقها قولاً وعملاً، ومبادئ نتمسَّك بها سرًّا وعلنًا، وأصول ننطلق منها لإصلاح أنفسنا، ومنهج متكامِل نعامِل به مَن حولنا، فما شرعت الشرائع إلا لتُطبَّق ويُلتَزم بها، ولا أنزل الدين إلا لتطهير الباطن وتغيير الظاهر،ومن هنا قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ” رواه مسلم .

وعندما تعفو عن أحَد يجب أن تصلحه فتبرِّئه مما هو فيه؛ أي: تعالجه، وتقرِّبه من ربِّه، وتحبِّبه في دينه، وتحتسب عند الله أجرَك، بعيدًا عن الغلِّ والحقد وحبِّ الانتقام ، ولكن الطائش المستبد المتعالي يجب أن يوقف عند حدِّه، وإلَّا دمَّر كل شئ ، وكم مررتُ على بساتين العفو في نفوس أهل العفو، يبتغون بها أجرًا من الله، يجعلونها مزرعةً لآخرتهم ، وكم رأيتُ من أمثلة ماثلة تخشع لها الجبال الرَّاسيات، لكن هو توفيق من الله وفهم جيِّد لدروس الحياة؛ ومن هنا قال الرسول الكريم فى حديثه ” ليس الشَّديد بالصُّرَعة، وإنَّما الذي يملِك نفسه عند الغضب ” .

ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي : ألا ليقم من كان له على الله أجر فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا فذلك قوله : فمن عفا وأصلح فأجره على الله . أو يقول أيضا ” إذا كان يوم القيامة نادى مناد : من كان له على الله أجر فليقم فيقوم عنق كثير فيقال لهم : ما أجركم على الله؟ فيقولون : نحن الذين عفونا عمن ظلمنا . وذلك قول الله : فمن عفا وأصلح فأجره على الله فيقال لهم : ادخلوا الجنة بإذن الله .

وفى حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن أول مناد من عند الله يقول : أين الذين أجرهم على الله؟ فيقوم من عفا في الدنيا فيقول الله . أنتم الذين عفوتم لي بوأتكم الجنة أو قال : ثوابكم الجنة ” ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم ” إذا كان يوم القيامة صرخ صارخ ألا من كان له على الله حق فليقم . فيقوم من عفا وأصلح ” .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينادي مناد يوم القيامة : لا يقوم اليوم أحد إلا من له عند الله يد . فتقول الخلائق : سبحانك بل لك اليد فيقول : بلى من عفا في الدنيا بعد قدرة “. وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قال موسى بن عمران : يا رب من أعز عبادك عندك؟ قال : من إذا قدر غفر .

وعن أبي هريرة أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت! قال : إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان . ثم قال : يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة ” رواه أبو داود .

وورد عن أنس قال بينما رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسٌ، إذ رأيناه ضحك، حتى بدَت ثناياه، فقال عمرُ: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمِّي؟ قال: ” رجُلان جثيا بين يدي ربِّ العزَّة عزَّ وجلَّ، فقال أحدهما: خُذ لي بمظلمتي من أخي، قال الله: أعط أخاك مظلمتَه، قال: يا رب، لم يبقَ من حسناتي شيءٌ، قال الله تعالى للطَّالب: كيف تصنعُ بأخيك، ولم يبقَ من حسناته شيءٌ؟ قال: يا رب، فيَحملُ من أوزاري ” .

ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالبُكاء، ثُمَّ قال: ” إنَّ ذاك ليومٌ عظيمٌ، يحتاجُ فيه الناسُ إلى أن يُحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله عزَّ وجل للطَّالب: ارفع بصَرك، فانظُر في الجنان، فيرفعُ رأسَه، فقال: أرى مدائنَ من فضَّةٍ، وقُصورًا من ذهبٍ مُكلَّلةً باللُّؤلؤ، لأيِّ نبيٍّ هذا؟ لأيِّ صدِّيقٍ هذا؟ لأيِّ شهيدٍ هذا؟ قال جل وعزَّ: هذا لِمن أعطاني الثَّمن، قال: يا رب، ومَن يمتلِك ثمنَ هذا؟ قال: أنت تملكُه، قال: بم؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب، فقد عفوتُ عنه، فيقولُ: خُذ بيد أخيك، وأدخله الجنَّةَ “، قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” فاتَّقوا الله وأصلحُوا ذاتَ بينكم؛ فإنَّ الله يُصلحُ بين المُؤمنين يوم القيامة ” …

اظهر المزيد
728x90
728x90
previous arrow
next arrow
زر الذهاب إلى الأعلى