أَغْوَيتُ أَبي
كتب/سليم النجار
متابعة/لطيفة القاضي
الآيديولوجيا – لغة الخوف !! وبينهما إنسانٌ ؛ خارجَ الزمن ؛ ينحازُ أبداً لأبجدية النور التي يصعبُ على جند الظلام قراءة حرفٍ من حروفها او فك شفيرة جملها التي تثير الدهشة لدى المتلقى ؛ وهي بحبر الروح ؛ ورماد الجسد !
” أَغْوَيتُ أَبي ” رواية الواقع والهلع !! للكاتبة سهام عوّاد ؛ الحُلم المتلوّ بيقظةٍ حزينة قاتمةٍ ؛ في لحظتها توقعات صدا الروح ؛ تتراوحُ بينّ اليأس والأمل ” اليأس ” سلطة بلا تيجان ولاأوسمة ؛ ” الأمل ” ممالك شاسعة في الروح ؛ وبامتداد المدى ؛ وبجغرافية في اللامكان ؛ ( كلَّما توغَّل في بدنه ؛ شبَّ عظم الرضيع وصار أقوى ؛ إلى الحد الذي أصبحت اصابعه الصغيرة تجيد الإمساك بطرف قميصها ؛ يتشبت بها ؛ يرجوها ان لا تتخلّى عنه . ص٦٧) .
رواية سهام ابوعوّاد .. حالة تسلل ماكرة ؛ خطّطت لها أفكار الإيحاء ؛ وعذارى التعبير الجمالي ؛ وهم بأمر كاتبة ترادت إختراق النص المعتاد والمتعارف عليه لدى المتلقي ؛ انه نص يشكل سلطة الشك ويحارب اليقين بألم؛ ونتكهن توقعاتها بروح وجسدٍ ناحلين مهدّمين ؛ دون الدخول في دهاليز العادات والتقاليد الحالكة ؛ ويظل التطرقُ إلى ويلاتِ كوارثها بحذر شديد … يصاحبهُ تسلّلٌ هادئ ؛ مقصود إلى تفاصيل حياة العالم العادي ؛ الذي يسعى أبطالُ الرواية جلّهم ؛ وهمُ مفتونون حتّى الهوس بتضاريسه إلى معرفته اكثر ؛ ( عادت إلى وعيها المذبوح مغطاة بدماء وردية ؛ فقد قطف زهرتها وخلاّها في سريرها تبحث في حواسها عن حياة . ص١٤٥) .
إن اشكال التعبير الروائي مثل الحب المقدس يتغير معناها جذريا وأحيانا وظيفتها وذلك إطارها الوجودي … إن مجموعة المعطيات التي تعرّف بالحضارات او بإنماط المجتمعات هي بمثابة الحدود الزمنية التي لا يمكن تجاوزها حتى وإن كانت رغبة الروائيين بالعودة إليها مدفوعة بحلم روما التي انقرضت منذ عشرة قرون أو بإعادة إحياء روح يونانية غائبة ؛ ( تلك هي الحكايات ؛ تبني بيوتها بكَّل اللهجات ؛ لتجد راويًا يجيد السرد ومظلومًا يجيد الصبر . ص٨٠) .
السؤال :
لماذا تُقبلُ الكاتبة العربية بشكل متزايد على ممارسة الراوي من خلال هذا الجنس الأدبي ألا وهو الرواية ؟
إن الأمر ببساطة : هو الحب .
الحبُّ هنا ليس إهراقاً للسّر او بوْحًا به ؛ إنه تلك القوة التي تُحوّل الفعل إلى وعي ؛ ثمّ إلى تنفيد : إنه الحب الذي يفتح عينيه . هل الواجب ان نتحوّل إلى ” متعصّبين ” لبرشت ؛ لكيْ أن هذه الرواية تحترق كخشبة مسرح ؛ ( تغلقُ أمّ كمال صنبور الماء ؛ تلفُّها بالمنشفة وتنتشلها لتخرجها مِن ذلك الكابوس ؛ تساعدها في ارتداء الملابس ثم تضعها في الفراش وتجلس بالقرب منها تهدهدها حتى تنام . ص ١٥٣) .
تتمتع رواية ” أَغْوَيتُ أََبي ” كجنس روائي كتابيّ وفرجويّ ؛ لاتعرف الذات مردّها ؛ لكنها فتنة كأدَاء تتحدّى المتلقّي إذ تُطالبُه بمزيد من التركيز ؛ فالمقبل على المونودراما الروائية كأنه محمول على رهان عسير ؛ رهان متعة القراءة ؛ ( لم يصدِّق احدٌّ حكاية صاحب الحاكورة ؛ وقالوا : ( رجلٌ بخيلٌ ؛ يريدُنا انْ ننظِّف لهُ البئرَ المهجورةَ بالمجَّان! . ص١٨٥) .
انا في الحقيقة من الجواب لأني ببساطة لا أملكه قدر أمتلاكي للسؤال : هل نحن امام رواية طويلة أو نص طويل ؟ ؛ لكنني املك يقيناً واحدا تشكل عندي حين أقرأ رواية سهام أبوعوّاد في المونودراما التي كتبتها في نصها ؛ يقين مفاده انها لا تؤدي دورا ؛ أي دور الراوية مهما كانت درجة الكتابة .
لماذا تُقبلُ الكاتبة العربية بشكل متزايد على كتابة الرواية من خلال المونودراما ؟
إنهن نوّارات ملح في مسرح رواية يحترق … ثمة رائحة حريق في الرواية التي تكتبها كاتبة ..