الحب والإيثار حقيقة يتصف بها الأخيار
طارق سالم
إحتياجنا والمجتمع اليوم إلى هذين الصفتين بعد ما نشاهده كل حين من قسوة البشربعضهم لبعض وانتشارالإنانية وتدنى الأخلاق بالتعامل بين الناس ومن قسوة القلوب التى تخلو من هذين الصفتين . أخدنى قلمى إلى كتابة هذا المقال لعل وعسى أن يصدف أهله .
الحب هو نعمة من نعم الله علينا فلا يمكننا أن نعيش بين البشر دون أن نشعر بهم ونبادلهم بعض المشاعر التي تقودنا إلى التراحم والتعاون والتعايش، فالحب الصادق عبارة عن مشاعر وأحاسيس يشعر بها أحدهم اتجاه الآخرين ممّا يدفعه للتعامل معهم باحترام وتقديرخوفاً منه على فقدانهم دون أي مصالح ماديّة أو شخصيّة كما أنّ الحب هو مجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابيَّة والحالات العاطفية والعقلية قوية التأثي والحب عطاء عميق وتأثر عاطفي بشخص آخر والشعور برباط دافئ وهو مودة عميقة
الحب الصادق يجعل المحبّ يبذل الجهد لكي يسعد محبوبه ويحاول إرضاءه بكافة الوسائل الممكنة ويبقى في باله دوماً مهما انشغل وهو يجعل المحب يتحرر من كل القيود الغير ضرورية ويجعله يتصرف بطبيعته وعلى سجيته ويميزه عن باقي البشر بهذا الأمر دون الخوف من ظهور نقاط الضعف وهو المتعة أثناء النظر إليه والقرب منه والاشتياق له عند البعد وهو الألفة والفكر الواحد والروح الواحدة وهو الإيثار ومحاولة تصليح النفس من أجل الغير والابتعاد عن السلبيات وتعزيز الإيجابيات.
يعرّف الحب الحقيقي بأنه الحب الرومانسي المتبادل بين الناس ويمتلك مفهوم الحب معانٍ عديدة من قبل الناس فالبعض يعتبره اسماً مجرداً مما يعني بأنه غير مرتبط بأي شيء حقيقي وملموس وبالنسبة للبعض الآخر فإن الحب يعتبر الوسيلة التي يتأثر بها الذات والعالم فبمجرد ما إن يتأثر الإنسان بالحب فلا رجعة منه .
لا يقتصر الحب الصادق على المشاعر المتبادلة بين الرجل والمرأة بل هو أعمق بكثير فحب العبد لربه ورسوله الكريم هو أسمى معاني الحب وأفضله فالمؤمن يحب ربه أكثر من حبه لنفسه ويقوم بكل ما يأمره به طمعاً منه بأن يكسب رضاه ومحبته وتقديراً وتعظيماً له والحب بالله هو أمر رائع حيث إنّه يدعو لحب الخير للآخرين وعدم التسبب لهم بالضرر أو الأذى وكذلك حب الوالدين لأبناهم فهم يضحّون براحتهم من أجل ابناءهم ويقدمون لهم الغالي والنفيس لكي يصبحوا أفراد صالحين بالمجتمع وحب الصديق لصديقه حيث إنّه يقف بجانبه وقت الضيق ويشعر به ويفرح لفرحه وهناك حب الوطن والإنتماء الحقيقي له .
أنّ ما يثبت صدق المشاعر بين الأشخاص هي المواقف الملموسة والعملية والتي تتجسد بالوقوف مع الآخر في كل ما يطرأ على حياته من فرح أو حزن وأيضًا من الضروري احتواء المحب وتحمل ما يعتري حياته من انتكاسات مهما كان نوعها أو حجمها.
حب الإيثار:
ما أجمل أن يتصف المرء والمجتمع بالإيثار والعطاء وحب الخير للآخرين وما أقبح أن يتصف بالأثرة والأنانية وحب النفس والإيثار والعطاء والإحساس بالآخرين من أسمى المراتب والأخلاق الكريمة التي رغبت وحثت عليها مختلف الديانات والثقافات حرصا على العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية بين الأفراد ولضمان تماسك المجتمعات وسعادة البشرية.
مفهوم الإيثار
أن يُقدّم المرءُ غيرَه على نفسه في جَلب النفع له ودفع الضر عنه*
كفّ الإنسان عن بعض حاجاته التي تخصه حتى يبذلها لمن يستحقها*
* تقديم الغير على النّفس في حظوظها الدّنيويّة رغبة في الحظوظ الدّينيّة وذلك ينشأ عن قوّة اليقين وتوكيد المحبّة والصّبر على المشقّة
• الإيثار : هو خلق من أخلاق الإسلام العظيمة الجليلة، خلق من محاسن الأخلاق الإسلامية، هو مرتبة راقية من مراتب البذل والكرم، ومنزلة عظيمة من منازل العطاء والسخاء، خلق يبعث على المودة والرحمة، ويدل على الصفاء والنقاء، أثنى الله عز وجل على المتصفين به، وبيّن أنهم المفلحون في الدنيا والآخرة؛ فقال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
• إنّ الإيثار هو شعور داخلي ونزعه موجودة بداخل كل فرد في المجتمع ولكن يحتاج إلى طرق عديدة وأساليب مبتكرة لتثيره في نفس الفرد وتخرجه ليصبح فعل عملي على أرض الواقع وعليه فإنّ على كلّ فرد النهوض بنفسه وبمجتمعه والتحلّي بصفة الإيثار لما لها من فوائد إيجابيّة تعود بالنفع على الفرد والمجتمع سوياً
• ومن أهمّ فوائد الإيثار:
• انتشار التكافل والتآخي والتعاون والمحبّة في المجتمع يحصل المجتمع على كفاية اقتصاديّة وماديّة.
• يعمل الإيثار على العلاج من الصفات السيّئة المذمومة مثل: البخل والأنانية والحسد.
• بالإيثار يحقق الفرد الرضا النفسي والسلام الداخلي وهو دليل على الخلق النبيل.
• ومن الناحية الدينيّة فإنّ الإيثار يعمل على تحقيق محبة الله ورضوانه وهو دليل على قوة الإيمان
لقد أصبحت هناك أهمية لتنمية وتربية أبنائنا على مفاهيم وقواعد وسلوكيات الإيثار والعطاء والإحساس بالآخرين وغيرها من الأخلاقيات والقيم الإنسانية والمجتمعية النبيلة ومنذ مراحل النمو الأولى وذلك من خلال مفردات الخطاب الديني وأساليب التنشئة الاجتماعية وبخاصة في الأسرة والمدرسة التي يمكن أن تساهم جميعها في تحسين العلاقات والروابط الإنسانية وتماسك وترابط الأفراد والمجتمعات.