إنجازات السيسي في الميزان
بقلم : عبدالرحيم حشمت عسيري
لن أتكلم هنا عن الإنجازات التي تم تنفيذها بالفعل .. فالقاصي والداني يشهد بما حققه الرئيس عبدالفتاح السيسي .. من مشاريع قومية غير مسبوقة على المستويات كافة ، منذ توليه السلطة وحتى يومنا هذا .. بل إن ما تحقق في عهده من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. وما أقيم من المشروعات الزراعية ، والعمرانية ، والبنية التحتية .. لم يتحقق في عهد أي حاكم مصري قبله منذ عهد محمد علي باشا مؤسس الدولة الحديثة … بل أكثر من ذلك فقد أقام الرئيس عبدالفتاح السيسي … هذه المشروعات العملاقة في الوقت الذي يقود فيه حربا شرسة بكل عزم ، وتصميم ، وقوة … ضد التخلف ، والفساد ، والتشدد ، والإرهاب .. تحت شعار “يد تبني ويد تحمل السلاح” .
ولن أتكلم هنا أيضا عن استمرار هبوط الأسعار بشكل عام وفي مقدمتها بطبيعة الحال .. أسعار المواد الغذائية – وخصوصا اللحوم – التي تواصل الانهيار .. ولن أتكلم عن تراجع أسعار مواد البناء بعدما أنشأت الدولة عدة مصانع للحديد والأسمنت فكسرت حاجز الاحتكار … ولا عن ارتفاع احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي الذي وصل إلى 45 مليار …. ولن أتكلم عن الجنيه الذي يواصل الارتفاع بينما تتسارع وتيرة هبوط الدولار .. ذلك لأن انهيار الأسعار بهذه الكيفية يعد من المؤشرات الإيجابية التي يلمسها أبناء الشعب المصري العظيم في حياتهم اليومية .
لكنني سأشير فقط إلى بعض الإنجازات المستقبلية …. التي نشرت عبر الوسائل الإعلامية .. ويجري العمل فيها الآن على قدم وساق بكل همة ونشاط .. والتي سيتم الانتهاء منها في عام 2020 م … لعل أبرزها إنشاء أكبر مصنع غزل ونسيج في العالم … و 6 مطارات دولية ، و 14 مدينة سكنية ، و 6 استادات رياضية ، و 1000 مدرسة نموذجية ، و 12 جامعة ، و 6 مستشفيات مركزية ، و 3 أقمار صناعية ، و 3 محطات فضائية ، و 3 موانئ برية ، و 5 موانئ بحرية .
أما أعظم إنجازات الرئيس عبدالفتاح السيسي وأكثرها أهمية .. والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن القوة العسكرية التقليدية لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تحسم أية حرب مستقبلية .. هو التصميم على تسليح قواتنا المسلحة بأحدث الأسلحة التكنولوجية المتطورة …. والحرص على تنوع مصادرها من شرق وغرب … ضمانا لتدفق ما يلزمنا من قطع الغيار في أوقات السلم والحرب … والعمل على تطوير التصنيع المحلي المتمثل في إنتاج الهيئة العربية للتصنيع .. وذلك بتحديث المعدات ، وتوظيف القدرات ، وتوفير ما يلزمنا من الخامات ، والاستغلال الأمثل للخبرات .
ذلك لأن الحقيقة التي لا تخطئها العين المجردة .. أن ما يواجه الدولة من مخاطر جمة في هذه المرحلة التاريخية الحرجة ، وما يحيط بها من تحديات صعبة من الاتجاهات كافة …. جعلنا أشبه ما نكون في حالة حرب مستمرة … ومن ثم فرض على قيادتنا العليا …. العمل بكل إصرار وهمة .. على إعداد ، وتدريب ، وتسليح ، وتطوير قواتنا المسلحة الباسلة … كي تكون على أهبة الاستعداد للدفاع عن تراب أرض الوطن في أية لحظة ….. وخير شاهد على ذلك صفقات الأسلحة المتتالية التي تمت بنجاح كبير خلال الفترة الماضية ، وما سيليها من صفقات أسلحة أخرى ، وما سيتزامن معها من صناعات محلية متطورة تحمل بكل فخر شعار “صنع في مصر” خلال عام 2020 م …. خصوصا الأسلحة الرادعة التي تضمن تفوق قواتنا المسلحة …. وتعد حصنا منيعا ضد كل من تسول له نفسه الاقتراب من حدود هذا الوطن أو المساس بحقوقه ومقدراته ، أهمها اطلاق أول قمر صناعي خاص بالاتصالات العسكرية ، وصفقة أربعة غواصات برمائية … لحماية حقولنا من الغاز الطبيعي … وضمان فرض سيادتنا على مياهنا الإقليمية تحت شعار ” من يخترق سيحترق” .. وأيضا صفقة أسلحة طائرات الميج 35 الروسية التي لا يرصدها الرادار ، ولا تصورها الأقمار الصناعية … لكن الأهم أنها قادرة على تدمير طائرات الإف 35 الأمريكية التي تعد عماد جيش العدو الصهيوني .
لكن إذا كانت إنجازات الرئيس عبدالفتاح السيسي .. كما ، وكيفا ، وتوقيتا .. فعلا بهذه الجدوى وبتلك الضخامة ، إذن أين المشكلة ؟ .. المشكلة كما أراها بكل تواضع تكمن في أمرين إثنين لا ثالث لهما :- الأمر الأول منهما : أن معظم هذه الإنجازات تؤتي ثمارا بعيد المدى في مجتمع 60 % من أبنائه لا يستطيعون معها صبرا لأنهم ببساطة شديدة يقبعون تحت خط الفقر منذ زمن .. و 40 % منهم أميون لا يستوعبون من خطورة الأمر شيئا .. ولا يقدرون حجم التحديات التي تواجه هذا الوطن ….. وهذه هي النتيجة الطبيعية لجرائم الإفقار ، والتهميش ، والتجهيل التي ارتكبها النظام الأسبق الفاسد البائد .. على مدى ثلاثين عاما ضد أبناء هذا الشعب الطيب الأصيل .
وهنا تأتي أهمية الدور الغائب لمؤسسات الدولة في توعية هذه الشرائح المهمشة وكي تنجح مؤسسات الدولة في أداء مهمتها التوعوية لابد أن تنحاز كليا لهذه الطبقات المنسية .. ولن يتحقق ذلك إلا بتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية .. والأهم يجب على مؤسسات الدولة أن تتوقف تماما عن انتهاج السياسات المستفزة .. ولعل أكثرها استفزازا مشاريع القوانين التي يتقدم بها أعضاء مجلس النواب (الموقر) من آن لآخر دون حياء أو خجل .. وكأنهم يعيشون في كوكب آخر ولا يعرفون الظروف الحياتية الصعبة التي تعيش فيها هذه الطبقات الكادحة التي تمثل الغالبية الساحقة من المصريين .. مثل مشروع القانون الذي يقضي بفرض ضريبة جديدة على المواطنين .. إعانة لفئة معينة في مواجهة غلاء المعيشة !! .. رغم أن هذه الفئة محسوبة في مقدمة أهل القمة …… من حيث الرواتب ، والمعاشات ، والامتيازات ، والمخصصات ، والأولويات ، والاستثناءات .. ورغم هذا كله لو أن هذه الضريبة استهدفت المواطنين المقتدرين واستثنت الغلابة .. لأصبح لها نصيبا من القبول ، وقدرا من الوجاهة .
الأمر الثاني : هو فشل الإعلام الرسمي في العرض المهني لإنجازات السيسي ، كما فشل في مخاطبة المواطنين البسطاء ، وتشكيل وجدانهم الوطني ، وإقناعهم بأهميتها الاجتماعية ، وجدواها الاقتصادية في تخفيف أعبائهم اليومية ، وتحسين ظروفهم المعيشية …. وبالتالي فشل الإعلام الرسمي في تفويت الفرصة على أعداء الوطن وأعداء الدين الذين يستغلون غضب الفقراء من ارتفاع الأسعار .. في نشر الفوضى ، وزعزعة الاستقرار .. فكما نعلم جميعا أن مصر دولة مستهدفه من قبل قوى دولية غاشمة تحيك لها المؤامرات … وأنظمة عميلة تستغل الظروف الإقليمية المشتعلة في تدبير المكائد ، وتصدير الأزمات .. وجماعة ضالة لا هم لها إلا إثارة الفتنة وتشويه الحقيقة .. وعناصر مارقة تبث الأكاذيب والافتراءات على القنوات الفضائية العميلة التي يشاهدها بعض المغيبين والجهلة .. وهنا تكمن المشكلة الأكثر خطورة من تلك العداوات السابقة مجتمعة . وإلا فماذا عسانا أن نتوقع من مواطن جاهل مغيب يستمع للحقائق المشوهة والأخبار المختلقة من جماعة ضالة .. إلا أن يتحول من أداة بناء وتعمير إلى معول هدم وتخريب وتدمير ؟ .. وهذا أخطر ما في القضية .
وخلاصة القول لا ينكر هذه الإنجازات أو يتجاهلها أو يقلل من جدواها .. إلا جاهل أو حاقد أو خائن .. والخونة كما يعلم الكافة ، لم يتركوا جريمة إلا ارتكبوها للنيل من مؤسسات الدولة ، حتى المستشفيات التي تعالج الغلابة ، لم تسلم من أحزمتهم الناسفة … ولا غرابة – في ذلك – البتة .. حيث أن تشويه إنجازات هذه المرحلة ، وإثارة البلبلة ، وزعزعة الثقة القائمة بين الشعب والقيادة ، وضرب استقرار الدولة ،،، والعبث بمقدرات هذه الأمة ،،، وإشعال نار الفتنة بين صفوف العامة ،،، لإحداث حالة من الفوضى ،،،، جزء لا يتجزأ من مخططاتهم الإجرامية المعروفة ، لتحويل الدولة إلى أرض محروقة …. حتى يتمكنوا من تنفيذ أجنداتهم المشبوهة .. وتنشيط تجارتهم الممنوعة .. وتحقيق أحلامهم غير المشروعة …. ولهذا فاض الكيل بمؤسسات الدولة التي التزمت بسياسة النفس الطويل في تعاملها مع ملفات العملاء والخونة ، واتخذت من القانون سيفا ومظلة .. وكأن لسان حالها يقول لهؤلاء الخونة ، ومن يحوم حولهم من المخربين ، والمغيبين ، والجهلة … لا مصالحة مع من سفكوا دماء الشهداء من رجال الجيش والشرطة والقضاء ،،،، فقد سبق السيف العذل ، ستلاحقكم يد العدالة ، ولن تتمكنوا أبدا من العودة إلى جحوركم مرة أخرى …. ولا تنسوا أو تتناسوا أن مصر كانت على مدى آلاف السنين ، وما زالت وستظل إلى يوم الدين .. صخرة صلبة تتحطم عليها أحلام الخونة والطامعين .. والتاريخ لا يرحم … وهو خير معلم لمن لا معلم له ، ومن لا يقرأ فصوله ، ولا يتعلم من أحكامه ، ولا يستفيد من تجاربه ، ولا يعتبر من دروسه .. فإن القاع هو مستقره ومصيره .