العقل المتطرف.. محاولة للفهم
منير أديب
إذا كان ثمة اختلاف بين النّاس فإن الاختلاف الأهم والأبرز بين المتطرفين وغيرهم في العقل؛ ونقصد بالعقل طريقة التفكير ونمطه، والذي يحكم بطبيعة الحال سلوكه فيراه الناس سلوكًا متطرفًا، فالعقل هو المسؤول عن ممارسة الإرهاب.
مناط التفكير دائمًا ينطبع على سلوك البشر ويتم ترجمته في السلوك، وسلوك البشر هو مجرد انعكاس لطريقة تفكيرهم، وقديمًا قالوا: إذا وجدت تفجيرًا في مكان ما أبحث عن التكفير، فدائمًا ما يسبق التكفير التفجير، ودائمًا ما يكون هذا التكفير مبدأه العقل الانحيازي.
فانحيازات المتطرف الفقهية أحد العلامات المميزة لمنهجه وطريقة تفكيره، ودائمًا ما يميل عقل المتطرف إلى المنهج التأويلي، وهنا ينحرف هذا العقل في تفكيره إلى تأويل كل شيء في الدين حسب هواه وعاداته وبيئته، فيخرج الدين من مضمونه الحقيقي، ولذلك نطلق عليه متطرف.
محط الإرهاب الحقيقي دائمًا يكون في العقل، ومن يوهمك أن الإرهاب رد فعل على سلوكيات إنما يُريد أن يبرر السلوك الإرهابي، لسبب بسيط ألا وهو منهج المتطرف الفكري، هذا المنهج يُحركه إلى ممارسة الإرهاب وليست الممارسة السياسية ولا الاستبداد بنفس المفهوم الذي تُعبر عنه التنظيمات الإسلامية.
ولذلك دائمًا التوصيات بمواجهة الإرهاب لابد أن يكون بابها الحقيقي العقل، ومنه تكون المواجهة الفكرية، وبدونها لا نستطيع أن نواجه الإرهاب طالما لم نواجه التطرف، الذي يبدأ في شكل وطريقة التفكير.
قد تكون طريقتنا في مواجهة التطرف أو معالجته تطرفًا هو الأخر، وقد يكون سببًا في وجود هذه الظاهرة التي حلّت ومازالت على مجتمعاتنا، وقد يكون استغلال التنظيمات المتطرفة سياسيًا نوعًا أخر من التطرف، ولذلك مواجهة التطرف بالمفهوم الشامل لابد أن يكون حاضرًا لدى السلطة لخطره على الأمن الإنساني قبل القومي للدولة.