قِصَّةٌ قصيرةٌ بعنوان : ( شوربةُ حَسُّونِى )
بقلم/هند العميد
قِصَّةٌ قصيرةٌ بعنوان : ( شوربةُ حَسُّونِى )
” نفادُ أبسطِ أدواتِ الوقايةِ من المعقماتِ والكفوفِ والكماماتِ الطبيةِ ، وفقرُ المستشفيات لأجهزةِ التنفسِ الصناعِيِّ جعلتْ الطبيبةَ ” ساهرةَ ” مُتعبةَ الأعصابِ لا تروم سوى التهربَ من مشاهدِ المرضى الذين ارتموا هنا وهناك وفي أروقةِ المشفى طلبًا لشهقةِ هواءٍ تدخلُ تلكَ الصدورَ المتعبةَ مِنْ وقعِ ڤايروس (COVID-19)، إلا أنَّ خوفَها الأكبرَ كانَ يحومُ حولَ ابن أختِها المُدَلَّلِ ” حَسُّونِى “، ذلكَ الطفلُ الحنطاويُّ ذو السنةِ والنصفِ صاحبُ العينين الواسعتين اللتين تأسران كلَّ مَنْ حظي بنظرةٍ منهما، فمهما كانتْ أمه تعتني به تجدُ ” ساهرةُ ” ألفَ سببٍ وسببٍ للطعنِ في اهتمامِها ، ولطالما تجاهلتْها أمُّ ” حَسُّونِى ” ؛ لأنها كانتْ لا ترى من تخوفِها المبالغِ فيه إلا وسواسًا ومبالغةً لا نفعَ منه ، فتخطفُ الطبيبةُ نفسَها مِنْ بينِ كلِّ تلكَ الحشودِ مسرعةً مرتبكةً تغلي بجوفِها نارٌ تحرقُ كلَّ من اقتربَ ، تحاولُ الاتصالَ بقلقٍ بعدَ أنْ وصلَها إشعارٌ عَلَى أحدِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ بأنَّ أمَّ ” حَسُّونِى ” نشرتْ صورًا التقطتها برفقةِ طفلِها تبتاعُ بعضَ الأرزِ والدجاجِ والجزرِ وحباتِ البطاطسِ ، تبتغي طبخَ الحَساءِ المُفَضَّلِ له معقبةً على إحدى الصورِ بأنَّ طفلَها المُدَلَّلَ يشعرُ بالأعياءِ بعدَ المشوارِ ذاك ، لتبادر أختُها بالهجومِ بعدْ أن ردتْ بكلمةٍ : ألو – ياويلكِ مني يا هذه .. هل أنتِ بكامل وعيكِ ؟ هل جُننتِ؟! كيفَ تخرجين في ظلِّ هذه الظروفِ ؟ ! وكيفَ لكِ أنْ تُخاطري بصحةِ أطفالِكِ؟! وما هو العلاجُ الذي غذيتي به طفلَكِ المريضَ ؟! تجيبُها أمُّ ” حَسُّونِى ” وبضحكةٍ هزَّتْ حبالَها الصوتيةَ ، على رِسْلِكِ .. لا تخافي فأنا قدْ أخذتُ الاحتياطَ سلفًا .. – وكيف ذلك؟! – بضحكةٍ مُشاكِسَةٍ : شوربةُ ” حَسُّونِى ” أفضلُ دواءٍ .
هنـــد العميـــد/العــــراق.