الانتخابات و المال السياسي
محمد النويشى الباحث في الشئون السياسيه
الانتخابات و المال السياسي
قضية المال السياسي ودوره في الانتخابات قضية مثارة في كل دول العالم. الانتخابات القادمة، يجب ان يتم عن الإعلان عن تخصيص خط ساخن للإبلاغ عن أي تجاوزات بهذا الشأن.
القضية خطيرة بالفعل وتحتاج إلى وقفة.
المبدأ الأساسي في أي انتخابات نزيهة هو انها يجب أن تكون معبرة عن الناخبين، وان تأتي نتائجها تعبيرا صادقا عن الإرادة الحرة لهم، من دون أي إكراه، وأي ضغوط مباشرة أو غير مباشرة من أي جهة يمكن ان تزيف هذه الإرادة.
وليس من الغريب أن تحاول دول أو جهات خارجية، مثل قطر أو تركيا التدخل في الانتخابات ومحاولة التأثير عليها. أصبح معروفا بالتفصيل تاريخ التدخلات التركية والقطرية في الشؤون الداخلية. ومحاولة التأثير في الانتخابات تأتي في اطار هذه التدخلات، وفي اطار الأجندات التخريبية المعروفة التي تستهدف البلاد.
بالطبع، من الجيد ان تكون الأجهزة المعنية في الدولة، الأمنية وغير الأمنية، على مسافة واحده من الأحزاب والمرشحون وان تكون متيقظة لاي محاولات خارجية للتأثير في الانتخابات وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لإحباطها.
لكن المشكلة ان استخدام المال السياسي في الانتخابات ليس قصرا على الدول والجهات الأجنبية بأجنداتها المعروفة. القضية أبعد من هذا، وتأخذ صورا وأشكالا شتى.
المرشحون أنفسهم الذين لديهم قدرات مالية كبيرة قد يلجئون إلى تقديم رشاوى مادية للناخبين بأي شكل من الأشكال سعيا لكسب أصواتهم.
هذا استخدام فاسد للمال سياسيا، ويمكن ان يؤثر بشدة على اختيارات الناخبين على أسس ليست موضوعية ولا نزيهة.
أيضا، فإن بعض الجهات في الدولة، أو بعض القوى في المجتمع، أو بعض رجال الأعمال القادرين، قد يلجئون إلى تقديم أموال لبعض المرشحين الذين يريدون لهم ان يفوزوا في الانتخابات لهذا السبب أو ذاك.
هذا أيضا استخدام فاسد للمال السياسي بما لا يمكن ان يخدم المصلحة العامة.
المهم انه في كل الأحوال فإن استخدام المال السياسي في الانتخابات تكون نتائجه مدمرة بالنسبة للعملية الانتخابية وبالنسبة للمصالح الوطنية العامة.
هذا الاستخدام يدمر أولا نزاهة العملية الانتخابية وعدالة المنافسة بين المرشحين. المرشح الذي لا يملك قدرة مالية، أو لا يريد استخدام المال لاعتبارات مبدئية، قد لا يستطيع الصمود في المنافسة رغم انه قد يكون هو الأكثر كفاءة والأصلح لأن يصبح نائبا يمثل الشعب.
واستخدام المال السياسي يمكن ان يقود إلى تزييف إرادة الناخبين، وبحيث يكون الفائز ليس معبرا حقا عن الإرادة الشعبية.
وفي المحصلة النهائية يمكن ان يقود استخدام المال السياسي إلى اختيار نواب لا يتمتعون بالكفاءة والمقدرة، وبالتالي إلى برلمان ضعيف لا يستطيع التعبير عن الطموحات الشعبية ولا خدمة المصالح الوطنية.
نحن اذن إزاء قضية خطيرة فعلا كما ذكرت.
لكن ما هو المطلوب إذا اردنا مواجهة هذه المشكلة الخطيرة والتعامل معها؟.
نشير هنا باختصار شديد جدا إلى الجوانب الأساسية الثلاثة التالية:
1- ضرورة ان تتحلى كل أجهزة ومؤسسات الدول بالحيادية الكاملة بين المرشحين وعدم التدخل بأي شكل لصالح مرشح دون آخر.
2- الأهمية الحاسمة لوضع ضوابط صارمة على الإنفاق على الحملات الانتخابية للمرشحين وفق سقف مالي محدد، ومواجهة اي تجاوزات بهذا الشأن فورا.
3- التوعية العامة للناخبين بخطورة استخدام المال السياسي في الانتخابات والانتباه لهذا الأمر، وبالأهمية الوطنية الحاسمة لأن يختار الناخب بين المرشحين على اساس الكفاءة والمقدرة لا لأي اعتبار آخر.
هذه الأمور الثلاثة مطلوبة بإلحاح لمواجهة خطر استخدام المال السياسي، وضمان نزاهة العملية الانتخابية، وكفاءة المجالس النيابية القادم.