728x90
728x90
previous arrow
next arrow
منوعات

محمد حافظ الشرقاوي .. يكتب : الشيخ زايد .. المدينة التي كانت فاضلة

728x90
728x90
previous arrow
next arrow

 

قبل 25 عاماً تأسست مدينة الشيخ زايد لتكون واحدة من مدن الجيل الثاني من المدن الجديدة، بمنحة من صندوق أبو ظبي للتنمية ، وأطلق عليها هذا الأسم تقديراً للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، أول رئيس لدولة الامارات العربية المتحدة ، وعلى مدى ربع قرن ، كانت المدينة نموذجاً للمدن الحضارية وفخراً لساكنيها وزوارها ، مما جعلها تستحوذ على استثمارات بالمليارات في مجال الاستثمار العقاري وغيره .
أما بعد هذه المقدمة التاريخية – التي لابد منها – ندرك أننا نتحدث عن تاريخ أصبح أثراً بعد عين ، فالمدينة الفاضلة والحضارية ، لم تعد لا فاضلة ولا يحزنزن ، بل راحت العشوائية تنخر في هيكلها وتزحف لكل مجاورة بها ، وقد تملك القائمين على حمايتها وتطويرها رغبة في أن تلحق بالمدن والأحياء التي سبقتها للعشوائية .
جولة سريعة في ربوع المدينة كافية لتلطم خديك على ما آل اليه حالها ، في الوقت الذي تعلن فيه الدولة حرباً لا هوادة فيها على مخالفات البناء ، والتصدي بكل حسم لفساد المحليات ، الذي كان أهم أسباب تحول مدن وأحياء بالكامل لعشوائيات ، كما أن الرئيس السيسى لم يترك مناسبة خلال افتتاح أحد المشروعات القومية إلا ويؤكد على ضرورة تصدي كل أجهزة الدولة لظاهرة المخالفات والتعديات ، التي تهدم جهود الدولة في رفع مستوى معيشة المواطن وتحقيق رفاهيته ، حيث تسعى الدولة جاهدة لتحسين البيئة العمرانية بكافة المناطق ، لتحقيق المردود الاقتصادي والأجتماعي منها ضمن جهود التنمية الشاملة للدولة .
وما يحدث في حق مدينة الشيخ زايد صورة من صور فساد المحليات ، الذي أتى على مدن وأحياء بكاملها وجعلها تتحول من مدن حضارية الى أحياء عشوائية .
قد لا أبالغ اذا اتهمت مسؤولي جهاز تنمية المدينة بالفساد ، ولا يعني ذلك سباً وقذفاً في حقهم ، لأن الفساد لايعني فقط تلقي الرشاوي والهيبات لتحقيق مصالح فردية لأشخاص أو جماعات على حساب سيادة القانون ، وإنما – يعني أيضا – التراخي والتهاون في تنفيذ القانون ، والتغافل عن معاقبة المخالفين ، والتكاسل عن أداء مهام وظيفتهم في تعقب المخالفين ، ولذلك فإن السماح بتفشي الظواهر السلبية في المدينة هو الفساد الأكبر .
المشاهد المؤسفة في المدينة تبدأ من المدخل الرئيسي ، الذي تحول لموقف عشوائي للميكروباص وسيارات الأجرة ، علاوة على الانتظار العشوائي للسيارات أمام السوبر ماركت الشهير ، والذي يجعل الدخول والخروج للمدينة مهمة خطرة ، ولا يفوتك المشاجرات المتكررة بين سائقي السيرفيس ” سيارات النقل الداخلي بالمدينة ” وبين المواطنين على تعريفة الركوب ومخالفات خط السير ، في غياب رقابة حقيقية على تلك الفئة من السائقين ، الذين يتفننوا في اثارة غضب المواطنين بفرض زيادة في الأجرة ومخالفة خط السير بين الحين والآخر .
الجولة بالتأكيد ستجعلك تصطدم برؤية عدد من المشاهد التي لم تكن مألوفة من قبل في المدينة ، من بينها الانتشار لظاهرة للمتسولين والباعة الجائلين في كل الشوارع بلا استثناء ، وحتى أمام مبني جهاز تنمية المدينة ذاته ، في تحد سافر للقانون والقائمين عليه ، علاوة على المجمعات والأسواق التجارية التي لم تنجح حملات الجهاز – الصورية – في كبح جماح مخالفاتهم وتعدياتهم على املاك الدولة .
أكثر المشاهد التي لا تخطئها العين ، هو تدني مستوى النظافة في المدينة ، وانتشار المخلفات والقمامة في كل مكان ، لدرجة أنها زحفت على المسطحات الخضراء والتي طالتها هي الأخرى يد الإهمال ، فتصحرت تلك المسطحات الخضراء في جزر الشوارع الوسطى أما تلك التي بين العمارات السكنية فقد تحولت لخرابات .
أضف لذلك بلطجة السايس الذي بات واقعاً مفروضاً على المدينة برمتها ، بل ذهب البعض لابتكار حيل لممارسة بلطجتة في فرض إتاوته وبسط نفوذه في الشارع ، حيث قام بعضهم بتعليق لافتتات لتقنين وضعهم ، مدعين حصزلهم على تراخيص من الجهاز ، تحت مظلة إحدى الجميعات الخدمية ، وبالطبع لا أحد من السادة المسؤولين خرج ليعلن مدى صحة أو كذب تلك الادعاءات .
كل هذه قليل من كثير لكن المصيبة الأكبر في مخالفات البناء ، التي باتت ظاهرة في كافة أحياء المدينة ، ومن مظاهرها تحول البيزمنت أو البدروم لأنشطة تجارية ، أغلبها مغاسل سيارات ومقاهي وسط الأحياء السكنية ، وتحول البناء المخالف ” للروف ” لمكايدة لهيبة القانون ، أما البنايات الجديدة أصجت لا تعتد باشتراطات التراخيص سواء في إرتفاعات ‘ أو إرتدادات وأصبح الكل يبني على هواه ، ليختفي النسق العمراني للمدينة بفعل تلك الممارسات .
أما وقد أرهقتك الجولة في ربوع المدينة فإنه عليك أن تأخذ استراحة لتتابع منصات التواصل الاجتماعي ، التي تستطيع أن ترصد منها مدى السخط الذي يعاني منه السكان ، والممزوج بمشاعر الحسرة على ما آل اليه حال ميدنتهم ، حتى بعض المنصات التي يفرغ فيها السكان شحنات غضبهم ، وينشرون عليها مشاكل المدينة ، لا يلتفت لها أي مسؤول ويحاول جاهداً أن يحقق في شكواهم ، أويعمل على ازالتها ، وأكثرها تتعلق بالتقدير الجذافي لفواتير المياه ، أو تدني مستوى الخدمات بالمدينة ، وحتى أسعار السلع التي يبالغ التجار في رفع أسعارها على السكان ، بدعوى غلاء الإيجارات والمرافق وغيرها من الشكاوي.
الأمر برمته يحتاج إلى وقفه مع جهاز المدينة ، ليعاود مرة أخرى السيطرة على تلك التجاوزات والمخالفات ، كما يجب أن يعي أعضاء مجلس الأمناء أنهم بمجاملاتهم وصمتهم على تردي أوضاع المدينة ، شركاء في حالة التدهور التي تعيشها المدينة وتكبد عناءها المواطن .

اظهر المزيد
728x90
728x90
previous arrow
next arrow
زر الذهاب إلى الأعلى