محمد حافظ الشرقاوي .. يكتب : حاول ألا تفهم .. !!
لو فاهم إنك فاهم ، تبقى مش فاهم حاجة ، ولو مش فاهم ، وعامل نفسك فاهم ، تبقى غبي وعمرك ما هاتفهم ، ولو عايز تفهم ، ابقى قابلني ..
بكلماته هذه وجه لي لطمة قوية ،افاقتني قليلاً من غيبوبتي ، التي صنعتها حرارة الجو ولهيب أشعة الشمس التي ثقبت أم رأسي ، لحظتها ضحكت له ضحكة صفراء مجاملة له ، ليغرب عن وجهي ، ويتركني لحالي ، لكن للحظات فكرت في كلام هذا المعتوه ، فوجدت ان معه كل الحق ، ولو أن الحكمة تؤخذ من أفواه المجانين ، لكانت كلماته هذه حكمة غالية من نصيبي .
وجدتني أسرح بخيالي في معنى كلماته فلم أفهم منها ش وتساءلت في نفسي هل نفهم هذه الأحداث فهماً حقيقياً ؟ هل ما نملكه من معلومات وتحليلات ، وما يصلنا عنها من أخبار كاف لرؤية الصورة الكاملة ، وبالتالي نفهم ما يدور حولنا ؟ بل رحت لأبعد من ذلك ، فقررت أن أطبقها على بعض من أعرفهم من أشخاص مقربين لي ، وعاودت السؤال ، هل أفهم فلان هذا حقا ؟ هل أعرفه كامل المعرفة ، لدرجة انني من الممكن أن أتوقع تصرفاته ، وأبرر أفعاله ؟ هل الصورة التي أراه عليها هي نفسها التي يراه بها غيري ؟ أشك .. إذا أنا مش فاهم
أفقت نفسي ، فقد عزت عليً تلك النفس الأمارة أن أكون مش فاهم ، حاشاني من هذا فأنا أمضي ثلاثة أرباع وقتي بحثا عن المعرفة ، أتجول بين الصحف ، والكتب ، والمواقع الإلكترونية ، والفضائيات ، وأخيراً مواقع التواصل الاجتماعي ، بحثا عن فهم وتحليل كل ما يحدث من حولي .. مؤكد أنني مخطئ في حق نفسي ، اذا لأختبر قدرتي على فهم ما يدور حولي لأؤكد لنفسي أنني أبو الفهامة ..
بحثت عن موضوع بسيط أختبر فيه مدى قدرتي على الفهم ، لكن للأسف تشابكت كل الموضوعات والمشاكل معا ، ولم استطع فصلها ، فقط وجدت صورة العالم العربي مرسومة على الخريطة ، وتحت كل بقعة من بقاعه ، بقعة دماء كبيرة تخفي معالم جماله ، وسرحت في باقي الخريطة متأملاً كل دول العالم ، لم ألحظ مثل هذا اللون الأرجواني الذي يغلف وجه خريطتنا .
أوروبا بكافة دولها ودويلاتها يكسوها خضرة تعكس ما تنعم به من مناخ الحربة وأجواء السلام ، والرخاء ، والتقدم ، أمريكا نفس الشئ حدث عنها ولا حرج ، حتى أفريقيا سكتت في أغلب دولها أصوات البنادق ، وهمدت طلقات الرصاص ، أما أسيا فهي الأخرى تعيش موسم جني الثمار ، وقد بلغ النمور والفهود و- حتى الضباع – غايتهم ولم يتبق إلأ بعضاً من اقليات الدول تحارب على قيم بالية وعقائد موتورة .
أما العرب وما أدراك من نحن ؟ فالويل لنا وقد لخص الشاعر العظيم محمود درويش أوضاعنا بقوله : ” أنا عربي ,, أنا اسم بلا لقبِ ,, صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها ,, يعيشُ بفورةِ الغضبِ ” .
ثورات وفورات في كل مكان ، حوداث ارهابية ، ودماء تلطخ جدران مبانينا ، رايات أجتمعت تحت لواء الباطل من كل الدنيا ، لتثأر لذنوب لم نرتكبها ، أيدلوجيات و هواجس تحكمنا ، وفقر وعوز ، وثراء فاحش بالفساد يفسد علينا ديننا ودنيانا .
من المسؤل ؟ من القاتل ؟ ومن المقتول ؟ كيف وصل بنا الحل إلى ما نحن عليه ، لن نبكي على اطلال ماضي بل علينا أن نبكي على دمار مستقبل ، ومآسي نتكبدها في الحاضر .
هل فهمت شيء ؟ أنا شخصيا لم أفهم ، واذا فهمت ساستطيع وقتها أن أقول أنا موجود ، ولا أظن ..