ملامح القصة القصيرة عند (بوشكين)
إن القصة القصيرة عادة ما تنسب محاولاتها المبكرة إلى القصاص الروسي (جوجول) و (ألان بو)، وربما من العوامل التي أدت الي ذلك عبارة (تشيكوف) الشهيرة : كلنا خرجنا من معطف (جوجول ).
يقصد بذلك أن كتاب ذلك الفن تعلموه من خلال قصة المعطف لجوجول،
ولكن هذه الصيحة لا يجب ألا نأخذها على إطلاقها ولعل أدق تأويل لها أن الاتجاه الواقعي في القصة القصيرة وجد ركيزته في قصة المعطف.
أما بوشكين فقد بدأ شاعرا إلا أنه اتجه بعد ذلك إلى كتابة الرواية والقصة، ولكنه لم يكن غريبا على العالم الروائي فإن كثيرا من أعماله الشعرية ما هي إلا روايات شعرية،
وفيما يتصل بالقصة القصيرة فإن مفهومها غامض، ولعل هذا المفهوم يختلف عن مفهوم القصة القصيرة حاليا،
رقعة زمنية متسعة نسبيا وإن كان المكان محدودا ومرسوما على شكل يعبر عن البيئة بدقه، وهناك شخص محوري تتحدد علاقته بمن حوله تدريجيا، وترتكز الأزمة على حادثة ما أو موقف ما يسعى الكاتب لتعميقه.
وقد حرص بوشكين على إضفاء الصدق والواقعية على ما كتب، خاصة في مجموعة : قصصص (إيفان بتروفيتش) إلى حد أنه مهد لها بمقدمة توهم بأن إيفان هذا شخصية حقيقية، حتى مسميات الشخصيات والقرى قد أخذها من واقعه،
أما أشهر ما كتب بوشكين من هذا النوع قصة (ملكة البستوني) التي اعتبرها النقاد “نموذجا” للقصة القصيرة من حيث دقة بنائها وجاذبية حبكتها ومهارة كتابتها .
وتحليلها لشخصية بطلها الذي يجسم النفعية وحب الاستيلاء، وبعكس الصعود القوي المنطلق ، ثم الانهيار الساحق. وهذه القصة _التي تقع في خمسين صفحة _تقريبا، لك أن تعتبرها رواية صغيرة كما هو الحال في قصة (قنديل أم هاشم) ليحي حقي ، فم الأفضل أمام تلك الأعمال ألا نحاول تقييدها بجنس أدبي ثابت، لأنها أكبر بكثير من التصنيف.