ذكرى اول انتخابات برلمانية تشهدها مصر
كتب / اسامه محيسن مدير فرع الغربية
مجلس النواب
تشهد مصر اليوم 12 يناير إنعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب ، والتي تتزامن مع ذكرى اول انتخابات برلمانية تشهدها مصر والتي عقدت يوم 12 يناير عام 1924
لذا … ستكون حكاوي القاهرة اليوم عن مجلس النواب
صمم مبنى مجلس النواب الحالى وبنى على يد الخديو إسماعيل عام 1866، وهو يعد من المعالم التاريخية المهمة التى ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بتاريخ مصر، وكان مخصصا لديوان نظارة الأشغال العمومية.
عقد مجلس النواب المصرى أول اجتماع له بداخله فى 26 ديسمبر 1881 ثم تلاه اجتماعات مجلس شورى القوانين والجمعية التشريعية ثم مجلس الشيوخ فى ظل دستور 1923 وعقدت به الجلسة الافتتاحيه الأولى التى ضمت مجلسى الشيوخ والنواب يوم السبت 15 مارس 1924.
ومبنى مجلس الشعب ( النواب حاليا ) من الناحية المعمارية يمثل قيمة فنية ويعتبر طرازًا فنيا فريدا جمع بين الأساليب المعمارية الأوروبية فى آواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وبين التأثيرات الإسلامية فى العمارة والفنون.
ويشغل مجلس الشعب ثلاثة مبان، شيدت فى فترات تاريخية متعاقبة على مساحة قدرها 11.5 فدان تقريبا أى 48 ألفا وثلاثمائة متر مربع، فضلًا عن عدة مبان إضافية للخدمات المعاونة والصيانة والمخازن، ومسجد المجلس، وتتخلل تلك المبانى عدة حدائق ومساحات خضراء.
وتتكون قاعة البرلمان من طابقين بكل منهما شرفة، أما صدر القاعة فنجد فى وسطها شعار الجمهورية ثم منصة الرئاسة، وسابقا كان كرسي العرش، ويلحق بالقاعة عدة أجنحة منها البهو الفرعونى واستراحة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
ويضم مبنى البرلمان مكتبة مجلس الشعب، التى كانت مكتبى البرلمان المصرى (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) و قد أنشئتا عام 1924 وضمتا المجموعات الخاصة بالمجالس السابقة كالمضابط وهدايا بعض الأعضاء، ثم انضمت المكتبتان لتصبحا مكتبة مجلس الأمة عام 1957، وتغير اسمها لتصبح مكتبة مجلس الشعب عام 1971، ومنذ عام 1989 أضيفت للمكتبة إدارة أخرى وأنشيء قطاع المعلومات وأصبحت من أكبر المكتبات البرلمانية فى العالم العربى. ويشغل قطاع المعلومات ثلاثة طوابق الثالث والرابع والخامس من مبنى المجمع، الذى يضم خمس قاعات وست حجرات.
من اجل الحفاظ على التراث المصرى فى مجال الممارسة السياسية والتشريعية والبرلمانية ، تم إنشاء متحف مجلس الشعب داخل مبنى البرلمان ، ويأتي هذا المتحف فى موقع الصدارة بين المتاحف المماثلة فى العالم ، حيث يضم مستنسخات أثرية لأقدم ما أبدعته البشرية من وثائق وتشريعات وقوانين ومعاهدات . ويشغل المتحف قاعتين كبيرتين من مبنى البرلمان تضم القاعة الأولى مقتنيات من مختلف العصور ، بينما تعرض القاعة الثانية مقتنيات لتطور الحياة البرلمانية فى مصر فى العصر الحديث ، كما يضم المتحف قسما لعرض الهدايا التذكارية المهداة إلى رئيس المجلس .
القاعة الأولى للمتحف تضم هذه القاعة مقتنيات من العصور الفرعونية والإسلامية حتى الوقت الراهن ، فمن العصر الفرعونى تعرض بها نماذج عديدة من التشريعات والقوانين فى مصر القديمة ، منها نموذج لتمثال الكاتب المصرى جالسا يحمل لفافة من أوراق البردى ويقوم بتدوين التشريعات والقوانين ويرجع أصل هذا التمثال إلى عصر الدولة القديمة ( 2780 _ 2280ق . م ) ، كما يعرض نص عثر عليه فى مقبرة إيدوت ( بسقارة ) ويعد أقدم تشريع ضرائبى فى التاريخ وهو عبارة عن لوحة تمثل معاقبة المتهربين من الضرائب .
كما تعرض أيضا مجموعة نصوص تشريعية مكتوبة باللغة الهيروغليفية تتضمن التشريعات التى أصدرها الملك الفرعونى حور محب ، ويرجع تاريخها إلى عصر الدولة الحديثة ( الأسرة 18 حوالى عام 1330 ق . م ) من بينها تشريع لحماية الزراعيين .
ومن ابرز نماذج هذه القاعة ايضا نص تشريعات تنسب الى (رخميرع) رئيس الوزراء فى عهد الملك تحتمس الثالث ، ويرجع تاريخها الى الفترة (1490-1436 ق.م ) ومن ابرز نماذج هذه القاعة أيضا نص بالهيروغيلفية يتعلق بأقدم وأول معاهدة سلام فى التاريخ ، وهو عبارة عن وثيقة زواج رمسيس الثانى من ابنه ملك الحيثيين ، وكان ذلك بمناسبة عقد معاهدة السلام بين المملكتين فى عصر الدولة الحديثة (1570- 1304 ق.م ) ومن اللوحات الجدارية نموذج طبق الأصل من لوحة تمثل طائر ” أبو منجل ” رمز الالة تحوت إله الحكمة ، ممسكا بريشة العدالة رمز الآلهة ” ماعت ” التى تمثل العدل والنظام وهى من العصر البطلمى (332-30 ق.م ) الى جانب نموذج أخر يمثل الملك وهو يقدم علامة ” ماعت ” للالة فى دلالة على إقرار التشريعات والقوانين فى البلاد .
كما يعرض نموذج لحجر رشيد الذى يتضمن مرسوما أصدره بطليموس الخامس عام 196 ق.م وهو منقوش بثلاث لغات هى : الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية ، الأمر الذى تمكن من خلاله العالم الفرنسي شامبليون من فك رموز الكتابة المصرية القديمة ومن العصر الإسلامي تتضمن هذه القاعة من المتحف العديد من المقتنيات فى مقدمتها نسخة من القرآن الكريم ، المصدر الرئيسي للتشريع فى الدولة الإسلامية ، وصوره بعض الرسائل والمخطوطات منها رسالة من والى مصر فى العصر العباسي يحث فيها آهل النوبة على الالتزام بالمواثيق والمعاهدات ، ورسالة عمر بن الخطاب لأبى موسى الاشعرى عندما ولاه قضاء الكوفة .
وفى هذه القاعة نموذجان مجسمان : أحدهما لمجلس الحكم فى عهد صلاح الدين الأيوبي (1171 – 1193 م ) حيث كان هذا المجلس العدل والحكم فى عهد محمد على باشا ، حيث كانت تصدر القوانين والتشريعات . ويصور هذا المجسم الوالي يستمع إلى شكاوى أحد المواطنين فى وجود الأمراء ورجال الدولة .
ومن العصر الحديث ، تضم القاعة الأولي من المتحف صورة وثائقية من اللائحة الأساسية للمجلس العالي الصادرة فى 1825 ، وهو أول مجلس يضم أعضاء منتخبين ، كما تعرض لوحة لتطور علم مصر منذ 1923 حتى الان ، ومجموعة من الصور الفوتوغرافية لرؤساء مجلس الشيوخ المصرى ( 1924 – 1952 ) وزي التشريفة الخاص بأخر رئيس المجلس كما يتم عرض أحد الكراسي الخاصة باستراحة الملك فى مجلس النواب (استراحة رئيس الجمهورية فى مجلس الشعب حالياُ ) وهو كرسى من الخشب المذهب ، ومكسو بالديباج الأحمر الفاتح ، ومزين بأشكال دائرية ووريدات من اللؤلؤ ، كما يعرض نموذج لكرسي آخر من كراسي النواب فى البهو الفرعوني منذ تأثيث المجلس ، وهو كرسى صغير من الخشب ، له ظهر وقاعدة مكسوة بالجلد ، والأرجل والظهر مزخرفة بأشكال لزهرة اللوتس ، ويوجد فى أعلاها قرص الشمس وجناحا صقر يتوسطهما صورة الإله حورس .
ومن الوثائق والمستندات الهامة ، توجد وثائق محاكمة الزعيم الوطني أحمد عرابي وزملائه عام 1882 ، ووثائق قضية اغتيال أحمد ماهر باشا رئيس وزراء مصر داخل البهو الفرعوني فى 24 من فبراير 1945 . كما تعرض صور تسجيلية وثائقية من الصحف اليومية المصرية التي تتضمن أخباراً وصوراً تسجل الأحداث التاريخية فى مصر مثل قيام الثورة عام 1952 وتنازل الملك عن العرش ومغادرته البلاد فى 26 من يوليو 1952 .
كما تعرض صور زيتية لرؤساء الجمهوريةالسابقين فى مصر . وتتضمن هذه القاعة أيضا خزانات عرض تضم شارات وميداليات تذكارية منها : شارة الاتحاد البرلماني الدولي خلال انعقاد مؤتمره بمصر عام 1947 ، وشارة حرس البرلمان فى السابق ، وميداليات تذكارية عديدة مصرية وغير مصرية مما أهدى لبرلمان مصر . كما توجد أيضا مجموعات من العملات التذكارية الذهبية والفضية والإصدارات البريدية والتذكارية التى صدرت فى مناسبات عديدة كانعقاد المؤتمر البرلماني الدولي فى مصر عام 1997 ، ومناسبة مرور 60 عاما على افتتاح البرلمان ، ومناسبة ترميم مبنى المجلس وغيرها ، الى جانب مجموهة من الصور الفوتوغرافية التي سجلت مراحل تشييد قبة المجلس خلال 49 يوما فقط والتي بدأ العمل بها في 29 من نوفمبر 1992 .
القاعة الثانية للمتحف ” تقع القاعة الثانية من متحف مجلس الشعب على يسار الممر المؤدي من “داير المجلس ” الى البهو الفرعوني – في مواجهة القاعة الاولى من المتحف – وتعرض هذه القاعة مجموعة هامة من الوثائق الدستورية والبرلمانية والعديد من اللوحات الزيتية والصور الفوتوغرافية لرؤساء المجالس النيابية المصرية ، فضلا عن مجموعة من التماثيل النصفية لحكام مصر وزعمائها في العصر الحديث قبل وبعد ثورة 1952 وصورا زيتية لحكام مصر من أسرة محمد علي باشا .وتتوسط القسم الثاني من هذه القاعة العربة المللكية من نوع اللالئ التي كانت تقل الملك من قصر عابدين الى قاعة المجلس ، كما توجد العديد من الوثائق والصور الخاصة بلجنة وضع دستور عام 1923 وأيضا صورا لرؤساء جميع المجالس النياببية في تسلسل تاريخي بدءا من اسماعيل باشا راغب اول رئيس لمجلس شروى النواب عام 1866 وكذلك صور لرؤساء مجلس الشيوخ المصري حتي عام 1952 ، ثم صور لرؤساء مجلس الشورى منذ نشأته عام 1980 .
ومن اروع ما تضمنه هذه القاعة من المتحف كرسي العرش الذي كان يتصدر قاعة مجلس النواب وعلى جانبيه شمعدانان وتعلوه الكمبوشة وهو من الخشب المذه وكسو بالقطيفة الزيتي وله شلته متحركة وعلى واجهاتها زخارف نباتية في اعلى الركنين يتوسطهما شعار الهلال ، وبداخله ثلاثة نجوم يعلوها تاج ، وكان هذا شعار اسرة محمد على ، ويتميز هذا الكرسي بان رجليه الاماميتين لكل منهما قاعدة على شكل رجل حيوان ،له مخالب ويعلوها بالحفر البارز رأس اسد مجنح .
وهذه القاعة من المجلس حافلة بالعديد من الثوائق الهامة عن الحياة السياسية والنيابيية في مصر ، ومنها محضر اجتماع مجلس شورىالنواب فى جلسة له خارج القاهرة عام 1876، ومحضر الجلسة الاولى لمجلس شورى القوانين عام 1883 ، واول مضبطة للجمعيةالتشريعية فى 22 من يناير 1914 ، ثم نماذج مضابط بعض المجالس التشريعية فى مصر بعد ثورة 1952 ، ومجموعة من خطابات افتتاح جلسات البرلمان فى عصور مختلفة منعام 1866 حتى الآن .
ومن الوثائق المهمة ايضا محاضر اجتماعات أول لجنة لوضع الدستور دائم فى مصر عام 1922 وصورةللأمر الملكى بأصدار هذا الدستور عام 1923 ، والى جانب مجلد ضخم يحتوى على مجموعة الدساتير المصرية التى تم تجميعها وفهرستها بدقة ، والدساتير التى صدرت من عام 1824 حتى الدستور الحالى عام 1971 م.
خزانات العرض وزودت مقتنيات متحف الشعب ، بعدد خزانات العرض المتحفى التى تضم العديد من الهدايا التذكارية من برلمانات العالم المختلفة والهيئات الدولية سواء الرسمية أو الشعبية .
وقد تم عرض تلك الهدايا فى مجموعة من خزانات العرض المتحفى ، وتحتوى الهدايا التذكارية على مجموعة من الخناجر المتنوعة الزخارف الهندسية والنباتية المكفتة بالذهب والفضة ، من بينها خنجر ذو غمد فضى محلى بالزخارف والنقوش الموشاة بالذهب ، والمقدم من الحاج بن عبد الله المحيرب ، رئيس المجلس الوطنى الاتحادى بدولة الامارات العربية المتحدة عام 1994م،وخنجر أخر ، لايقل روعة وجمالا عن سابقة ، مقدم من السيد / عبد الله بن حسين الأحمر ، رئيس مجلس النواب بجمهورية اليمن عام 1996 م. الى جانب سيف مقدم من وفد مشايخ وعمد وقبائل البشارية والعبابدة فى منطقة حلايب والشلاتين وأبو رماد ، وذلك بمناسبة زيارتهم لمبنى مجلس الشعب فى 19/5/1993 .
والى جانب تلك الهدايا ، هناك مجموعة متنوعة من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية والنحاسية ، مهداة من العديد من البرلمنات العالمية وكبار الشخصيات السياسية الدولية ، ومن اشهر ميدالية من الذهب وأخرى من الفضة باسم الاتحاد البرلمانى الأروبى ، ومجموعة ميداليات من رومانيا وتشكيوسلوفاكيا وكوبا وبلغاريا وتركيا وروسيا وبولندا والمجر وقبرص وايرلندا وغينيا و النرويج وليتوانيا وشيلى والمانيا وتونس وغيرها…
ومن أروع الهدايا التذكارية ، مجموعة من المجسمات ، ويأتى فى مقدمتها مجسم لقبة الصخرة بالقدس ، من الصدف ، مقدم من رئيس الاتحاد البرلمانى العربى الأسبق ، ومجموعة من المجسمات ، لعدد من المراكب الشراعية المذهبة مهداة من مجلس الأمة الكويتى ، ومجسم أخر لمركب شراعى كبير الحجم من اندونسيا.
كما تعرض خزانات المتحف ، لعدد من الزهريات الخزفية ،وكذلك مجموعة من الأطباق الخزفية وأخرى من الأطباق المعدنية مختلفة الأحجام والأنواع من ألمانيا وجنوب أفرقيا وبنجلادش والهند وباكستان وشيلى والكويت والأردن وغيرها
عام 2008 وتحديدا يوم الثلاثاء 19 أغسطس، نشب حريق فى مبنى مجلس الشورى، وظل الدخان يتصاعد من المبنى المكون من 3 طوابق، وامتد ليصل إلى مبنى إدارى يفصل بين مبنى مجلس الشورى ومبنى مجلس الشعب، واستمر حتى صباح اليوم التالى لأكثر من 16 ساعة، وقد طالت النيران مجموعة مهمة من القاعات ومنها قاعة الدستور، والتى كانت قد شهدت مولد دستور 1923، ويزيد عمرها على 150 عاما، واحتراق جزء بسيط من قاعة الشورى الرئيسية، التى شهدت محاكمة أحمد عرابى عام 1882، وقد نجا من الحريق المتحف الخاص بمجلس الشعب وجميع محتوياته.
وبعد ذلك تم ترميم المبنى خلال فترة وجيزة، وقد عاد إلى رونقه السابق بعد إزالة دور كامل من المبنى لتخفيف الأحمال نتيجة ما أصابه من حريق طال كل محتوياته.