حرمه التحقير والتقليل من شأن الاخرين
كتبت/عفاف كمال الدين
المولي عز وجل : صان الكرامة الإنسانية لكل إنسان عن أن تهان وتنتهك ، فقال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [الإسراء:70. ونهى سبحانه وتعالى عن السخرية من الآخرين والتقليل من شانهم فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات:11: أي: لا يهزأ قوم من قوم آخرين ، فقد يكون المهزوء منه خير وأفضل عند الله تعالى من المستهزئ.
وأهم بواعث التحقير والتقليل من شأن الغير: الاستكبار أو التكبر روى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر». فقال رجل: إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة ، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر: بطر الحق وغمط الناس». أي: إن تحسين المظهر واللباس ليس من التكبر المذموم ، بل إن المذموم هو احتقار الناس والاستخفاف بهم.
والكبر والعظمة من صفات الله تعالى وحده ، لأنه صاحب السلطان المطلق ، والإرادة النافذة والمشيئة الشاملة ، فلا ينازع الله أحد من الناس في هذه الصفات.
فبعض الناس يخصهم الله تعالى بنعم كثيرة مال، منصب، جاه. علم، ابناء ، لدرجة أنهم يعتبرون أنفسهم أفضل من غيرهم وأنهم يستحقون ذلك لأجل ذواتهم، ومن هنا تنشأ السخرية والتعالي والنظرة المنتقصة للآخرين، وكثيرًا ما نسمع كلمات الهمز واللمز والنكت والتعليقات التي تتهم البعض بالغباء او نظرة التقليل من شان الاخرين .
على الإنسان أن لا ينظر إلى غيره على إنه أقل منه لأن الله تعالى فضل بعض الناس على بعضهم وكرمهم على بعض بالتقوى التي في قلوبهم لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات
عندما يتنعم الإنسان بنعم الله عليه ألا ينسى شكره تعالى فسبحانه وعد الشاكرين بالمزيد حيث قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:7] فبذلك الشكر يحافظ على النعمة التي عنده لا يتكبر او يتجبر علي الاخرين .بل علي العكس اذا اخطا بحقهم اعتذر منهم وطيب خاطرهم فلا يعلم
قيمه كسر الخاطر الا الله تعالي والاعتذار. وقايه لامتصاص حزنهم .واقوي ما ورد عن تطيب نفس الاخرين والاعتذار منهم.
وخير دليل علي ذلك :
حين قال ﺃﺑﻮ ﺫﺭ لبلال ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺗﺨﻄﺌﻨﻲ؟!
ﻓﻘﺎﻡ ﺑﻼﻝ ﻣﺪﻫﻮﺷﺎً ﻏﻀﺒﺎﻥ ﺃﺳﻔﺎً … ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻷرفعنك ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صل الله عليه وآله وسلم.
ﻓﺘﻐﻴﺮ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ ثم قال :
ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺫﺭ، ﺃﻋﻴﺮﺗﻪ ﺑﺄﻣﻪ؟! ﺇﻧﻚ ﺍﻣﺮﺅ ﻓﻴك ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ!!
ﻓﺒﻜﻰ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ وقال:
ﻳﺎﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﻟﻲ. ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﺑﺎﻛﻴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ..
وأتى ابو ذَر ﻭﻭﺿﻊ ﺧﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ..
وقال ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺑﻼﻝ ﻻ ﺍﺭﻓﻊ ﺧﺪﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﺄﻩ ﺑﺮﺟﻠﻚ
ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﻬﺎﻥ !!
ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻼﻝ ﻳﺒﻜﻲ ﻭﺃﻗﺘﺮﺏ ﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﺪ..
ﻭﻗﺎﻝ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺍﻃﺄ ﻭﺟﻬآ ﺳﺠﺪ ﻟﻠﻪ ﺳﺠﺪة ﻭﺍﺣﺪة، ﺛﻢ ﻗﺎﻣﺎ ﻭﺗﻌﺎﻧﻘﺎ ﻭﺗﺒﺎﻛﻴﺎ !!
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻳﺴﻲﺀ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺍﺕ ﻓﻼ ﻳﻘﻮﻝ:
ﻋﻔﻮﺍ ﺃﺧﻲ عفوآ اختي ﺇﻥ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻳﺠﺮﺡ ﺑﻌﻀﺎ ﺟﺮﺣﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﻭﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﻭﺃﻏﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻓﻼ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﺎﻣﺤﻨﻲ ﻭﻳﺨﺠﻞ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ” ﺁﺳﻒ” ..
ﺍﻹﻋﺘﺬﺍﺭ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺭﺍﻗﻴﺔ و خلق عظيم، ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻧﻬﺎ ﺇﻫﺎﻧﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ…لا يتواضع إلا من كان واثقاً بنفسه ولا يتكبَّر إلا من كان عالماً بنقصه.
سنرحل ويبقى الاثركلنا راحلون، والزاد قليل.
نسأل الله العفو والعافية والمعافاة في الدنيا والاخرة