وزير الأوقاف في خطبة الجمعة من مسجد السلام بمدينة الطور بجنوب سيناء:
ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم 19/ 3/ 2021م بمسجد السلام بمدينة الطور بمحافظة جنوب سيناء بحضور سيادة اللواء أ.ح/ خالد فودة محافظ جنوب سيناء، ومعالي الدكتور/ محمد معيط وزير المالية ، ومعالي الدكتور/ أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة ، ومعالي السيد الطيار/ محمد منار عنبة وزير الطيران ، ومعالي الدكتور/ محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري ، ومعالي الدكتور/ علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية ، وسيادة المستشار/ أحمد سعد وكيل مجلس النواب ، وأ.د/ أسامة العبد وكيل لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب ، والأستاذ/ كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ، والشيخ/ جابر طايع يوسف رئيس القطاع الديني ، والشيخ/ إسماعيل الراوي مدير مديرية أوقاف جنوب سيناء، والسيد اللواء / أحمد الألفي مدير أمن جنوب سيناء مساعد وزير الداخلية، وعدد من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمحافظة جنوب سيناء، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد.
وخلال الخطبة تحدث معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عن الحق في القرآن الكريم ، موضحًا أن الله (عز وجل) هو الملك الحق ، حيث يقول الحق سبحانه: “ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، ويقول (عز وجل): “فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”، ويقول سبحانه: “ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ”، ويقول (جل وعلا): “وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ”، أنزل كتابه بالحق فقال سبحانه :” وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ” ، وأرسل رسوله بالحق: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” ، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقوم إِلَى الصَّلاَةِ في جَوْفِ اللَّيْلِ، ويناجي ربه قائلًا: “أنتَ الحقُّ، وقولُكَ الحقُّ، ووعدك حقٌّ، والجنَّةُ حقٌّ، والنَّارُ حقٌّ، والنَّبيُّونَ حقٌّ، ومحمَّدٌ حقٌّ، اللَّهمَّ لَكَ أسلمتُ، وبِكَ آمنتُ، وعليْكَ توَكَّلتُ، وإليْكَ أنَبتُ، وبِكَ خاصَمتُ، وإليْكَ حاكمتُ، فاغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلَنتُ، أنتَ إلَهي لاَ إلَهَ إلَّا أنتَ”.
مشيرًا معاليه إلى أن اتباع الحق سبيل السعادة في الدارين، وأوضح معاليه نماذج من الحق في حياتنا منها حق المال ، موضحًا أن بعض الناس يظنون أنهم عندما ينفقون في سبيل الله يمتنون على خلق الله وأنهم متفضلون عليهم مع أن كل ما يؤدونه هو إخراج حق الله في مال الله حيث يقول الحق سبحانه : ” إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” ويقول سبحانه في سورة المعارج : ” وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” ، كما بين معاليه أن هناك علاقة بين قوله تعالى : وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” وبين قوله سبحانه : ” وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ” ليطمئن النفوس التي تؤدي حق الله فيما من الله به عليها ،وكما علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ” يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ” ، ويقول الحق سبحانه : ” هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم” ،ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ للهِ عِنْدَ أَقْوَامٍ نِعَمًا أَقَرَّهَا عِنْدَهُم -يَعْنِي: جَعَلَهَا ثَابِتَةً عِنْدَهُمْ-؛ مَا كَانُوا فِي حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَمَلُّوهُمْ، فَإِذَا مَلُّوهُمْ نَقَلَهَا اللهُ إِلَى غَيْرِهِمْ” ، ويقول سبحانه : ” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” في الدنيا بزوال النعمة وفي الآخرة بكنز المال وعدم الوفاء بحقه.
كما أشار معاليه إلى أنه لا يوجد أي حرج شرعي في الاحتفاء بأيام الوطن العظيمة ،أو تخصيص بعض الأيام للتذكير بحق أصحاب الحقوق علينا ، كحق المعلم أو حق الأم أو بحق المرأة تنبيهًا على أداء الحقوق لهم ، بل إن ذلك من علامات الوفاء ، مبينًا معاليه أنه كما في الأموال حق ، فللوالدين حق ، وإكرام الوالدين حق على الأبناء وليس تفضلا منهم، فعندما يحسن الإنسان لوالديه ، فهو لا يتفضل عليهما أبدًا بل يؤدي بعض حقهما عليه حيث يقول سبحانه : ” وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” ، فأنت ترد بعض الحق وليس كل الحق ، لا يمكن أن يوفي إنسان حق والديه على الإطلاق ، فقد أتى رجل إلى النبيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) ، فقال: يا رسولَ اللهِ إني أريدُ الجهادَ في سبيلِ اللهِ تعالى، فقال: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ فقلتُ: نعمْ، فقال: الزم رجلها فثمَّ الجنَّة” ، ويقول أبو فراس الحمداني :
أَيا أُمَّ الأَسيرِ لِمَن تُرَبّى * وَقَد مُتِّ الذَوائِبَ وَالشُعورُ
إِذا اِبنُكِ سارَ في بَرٍّ وَبَحرٍ * فَمَن يَدعو لَهُ أَو يَستَجيرُ
بِأَيِّ دُعاءِ داعِيَةٍ أُوَقّى * بِأَيِّ ضِياءِ وَجهٍ أَستَنيرُ
بِمَن يُستَدفَعُ القَدرَ المُوَفّى * بِمَن يُستَفتَحُ الأَمرُ العَسيرُ
إنه حق الوالدين فعلى كل منا أن يتفانى في خدمتهما خاصة عند الكبر وليقل ” رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.
كما أوضح معاليه الحق الثالث وهو حق الوطن ، فقد قالوا إذا أردت أن تعرف أصالة إنسان وطيب معدنه فانظر إلى مدى وفائه لوطنه ، فمن لا خير لوطنه فيه فلا خير فيه أصلا ، ومآل الخونة والعملاء سوء المآل في الدنيا والآخرة، فليس مع الوطن خاسر وليس ضده رابح ، فما عادى أحد وطنه وما خان أحد وطنه إلا خسر الدنيا والآخرة ، ومن يقرأ التاريخ يجد خير شاهد على ذلك ، مشيرًا إلى أننا في يوم من الأيام العظيمة ، حيث يقول رب العزة : ” وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّه” ، ومن أيام الله لأى وطن أيام العزة وأيام النصر وأيام الفخار ، وها نحن هنا في طور سيناء من مسجد السلام بمدينة السلام بطور سيناء حيث كلم الله سيدنا موسى (عليه السلام) ، وحيث تجلى ربنا للجبل فجعله دكًا ، وحيث الوادي الأيمن من البقعة المباركة من الشجرة في هذه المحافظة الطيبة ، تحتفل محافظة جنوب سيناء والمصريون جميعًا بذكرى رفع العلم على طابا في 19 من مارس كل عام ، وفي ذلك اعتزاز بالوطن واعتزاز بالأرض وتأكيد على استمرار التضحية في سبيل الوطن ، فكل وطني شريف يعتز بأيام وطنه المجيدة ،والوفاء بحق الأوطان من شيم الكرام، ضحى آباؤنا بدمائهم وأرواحهم ، وضحى أجدادنا واستردوا حربًا وتفاوضًا كل ذرة رمل من هذا الوطن ، وها هو هذا الجيل جيشًا وشرطة يؤديان حق الوطن في مواجهة قوى الشر والإرهاب ، فالحفاظ على الوطن والتضحية من أجله ليس منوطًا بجيل واحد من الأجيال أبدًا ، بل هو حق على جميع الأجيال أن تؤدي ضريبتها تجاه الوطن دفاعًا وحفاظًا وعملًا وتنميةً ، يقول شوقي :
وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِـقُّ
وكما أعلن سيادة الرئيس (حفظه الله) أن مصر مقبلة على جمهورية جديدة ، وهذا يحتاج منا جميعًا إلى مزيد من الجهد والتعب والعرق كل في مجاله وميدانه .
بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا….فَهَيّا مكنوا للمجد هَيّا
خُذوا شَمسَ النَهارِ لَهُ حُلِيّاً…أَلَم تَكُ تاجَ أَوَّلِكُم مَلِيّا
لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ.. وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ
إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ.. بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا
نَقومُ عَلى البِنايَةِ ما حيينا… وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
وفيك نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا *وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا