يحتفى المسرحيون ومحبو الفن فى كل العالم، باليوم العالمى للمسرح، يوم 27 مارس من كل عام، حيث يقام العديد من الأنشطة المسرحية المختلفة التى تعبر عن “أبو الفنون”، وفي هذه المناسبة نستعرض تاريخ نشأة المسرح المصري وأهم رواده.
في بداية القرن العشرين انتشر الفن المسرحي الغنائي (الأوبريت) بين الناس عن العروض المسرحية التمثيلية والتي كان مشهوراً بها في هذا الوقت الفنان جورج أبيض بعد رجوعه من فرنسا سنة 1910 وحمل على عاتقه تأسيس المسرح الدرامي (التمثيلي)، لكن الغلبة كانت للمسرح الغنائي، لأنه كان يعتمد على العروض الغنائية الراقصة لكثير من الفنانين المعاصرين والمشهورين في ذلك الوقت مثل سلامة حجازى وبعده سيد درويش، ولكن في العشرينيات من القرن الماضي، بدأ المسرح الدرامي يأخذ وضعه بانضمام يوسف بك وهبي لقائمة رواد المسرح، فقدم أعمالاً لاقت نجاحاً كبيراً بين جمهور مصر في القاهرة والإسكندرية وأيضاً الأقطار العربية الأخرى مثل سوريا ولبنان ومراكش (المغرب العربي).
وكان ينافسهم في ذلك الوقت رواد المسرح الكوميدي نجيب الريحاني وعلى الكسار، والذين قدموا عروضاً تميزت بالكوميديا الهادفة مصرية المنبع وغير مقتبسة عن الأدب العالمي، واشتهرت مسرحية “كشكش بك” لنجيب الريحاني والتي تم تقديمها على المسرح لفنرة طويلة وحصلت على شهرة واسعة بين الناس داخل مصر وخارجها، كما اشتهرت شخصية عثمان عبد الباسط التي قدمها بربري مصر الوحيد الفنان على الكسار في مسرحياته ثم قدمها بعدها للسينما. وفي عشرينيات القرن العشرين بدأ الرأي العام ينادي بوجود مسرح وطني مصري بعيداً عن الأدب العالمي، فنشأ المسرح الوطني سنة 1921.
وفي تلك الفترة ظهر المسرح الشعري بعدما دخل بعض الأدباء في التأليف للمسرح مثل أمير الشعراء أحمد بك شوقي، والذي قدم العديد من المسرحيات مثل “مجنون ليلى” و”مصرع كليوباترا” و”علي بك الكبير” وغيرها، وكان قد عاد في سنة 1928 من فرنسا الأديب توفيق الحكيم والذي قدم العديد من المسرحيات مثل “أهل الكهف” و”أيزيس” و”نحو حياة افضل” وغيرها، وهو ما بدأ معه وجود مسرح مصري بعيد عن الاقتباس من الأدب العالمي.
ولما ازدهرت السينما في الثلاثينيات، اتجه أغلب فناني المسرح للأفلام السينمائية لكن ظل للمسرح جمهوره الذي كان يعشق مشاهدة الممثلين يؤدون الرواية أمامهم ويتفاعلون معهم وليس على شاشة العرض، ولكن ظلت الحياة الفنية مقتصرة على الهواة والموهوبين إلى أن تأسس المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1944 وتأسس جيل من الرعيل الأول للمسرح والذي أخد على عاتقه تأسيس جيل جديد يعتمد على الدراسة أكثر منها على الموهبة مثل الجيل الذي سبقهم، كما تغيرت نظرة المجتمع للفن والذي كان حتى هذا الوقت لا يحترم الممثلين ولا يأخذ بشهادتهم في المحاكم!.. ولكن هذه النظرة تغيرت بعد ثورة 1952 عندما بدأت الدولة ترعى الفن وتنشئ المسرح القومي وتنتج أفلاماً سينمائية بنفسها، فتحولت الفرقة القومية المصرية التي تأسست سنة 1935 إلى فرقة المسرح القومي، وظهرت فرقة المسرح المصري الحديث وهو ما صنع جمهوراً كبيراً للمسرح.
وكانت فترة الستينيات بعد ثورة يوليو 1952 فترة ازدهار للمسرح المصري حيث شهدت طفرة مسرحية غير مسبوقة على صعيد الإخراج والتأليف والتجريب والترجمة، وبرزت في تلك المرحلة كوكبة كبيرة من المخرجين والمؤلفين الذين قدموا معظم عروضهم على خشبة المسرح القومي، ومن هؤلاء سعد الدين وهبو ويوسف إدريس ونعمان عاشور وصلاح عبد الصبور وعبد الرحمن الشرقاوى ورشاد رشدى وألفريد فرج وميخائيل رومان ومحمود دياب ونجيب سرور وعلى سالم، ومن المخرجين كرم مطاوع وعبد الرحيم الزرقانى، وجلال الشرقاوى وسمير العصفورى، كما ظهرت حركة نقدية قوية.. حتى جاءت الضربة القاصمة للفن عموما في مصر والمتمثلة في نكسة 1967 والانفتاح الاقتصادي في السبعينبات. والتي كان لها أثر كبير في العروض المسرحية المقدمة في ذلك الوقت. وبعدها ظهر المسرح التجريبي في مصر، وكان من المؤسسين لهذه الفكرة الكاتب والمخرج المسرحي السيد حافظ، الذي قدم العديد من المسرحيات على مسرح الحرية في الإسكندرية وأسس فرقة الاجتياز التي تنقلت لتقدم عروضها في معظم مسارح قصور ثقافة الأقاليم في المحافظات.
وشهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات اتجاه العروض المسرحية لكوميديا الفارس (وهي الضحك للضحك بدون هدف) لما سيطر القطاع الخاص على المسرح وجري المنتجين ورا المكسب وشباك التذاكر عن تقديم فن هادف، وقل كمان دور مسرح الدولة، وقلت العروض الدرامية أو العروض الكوميدية الهادفة إلا مسرحيات الفنان محمد صبحى أحياناً، وشهدت الفترة ظهور وتألق ممثلي كوميديا مثل عادل إمام ومحمد صبحى وأحمد بدير ومحمد نجم وسمير غانم وسيد زيان وغيرهم.