طرائف ومسامرات”الطلاق
كتبت / عفاف كمال الدين
“لا يكاد يتم الآن طلاق بين زوجٍ وزوجةٍ ، إلَّا بغضبٍ ينقلب إلى عداءٍ ، ولكن الذين يتسمون بالخلق الرفيع ، يُخالفون هذا المسلك الذميم ، وقد وقفتً على وثيقة طلاقٍ نادرةٍ ، تصور المروءة الإنسانية ، في أبهى مواقفها وأكملها ، إذ اضطر الفقيه الكبير أبو البركات : ابن الحاج ، إلى طلاق زوجته : السيدة عائشة الكنانية ، فما نطق بغير الآئق من كلام الأتقياء ، وقد أحضر الشهود ، وتلا عليهم هذه الوثيقة النادرة :
“يقول عبد الله الراجي رحمته ، المدعو بأبي البركات ، اختار الله له ، ولطف به : إن الله جلت قدرته ، أنشأ خلقه على طبائع مختلفة ، وغرائز شتَّى ، فمنهم السخي والبخيل ، وفيهم الشجاع والجبان ، والغبي والفطن ، والمتكبر والوضيع ، فكانت العشرةُ لا تستمر بينهم ؛ إلَّا بأحد أمرين : إما بالاشتراك في الصفات ، أو في بعضها ، وأما بصبر أحدهما على صاحبه مع عدم الاشتراك ، ولما علم الله أن بني آدم على هذا الوضع ؛ شرع لهم الطلاق ، ليستريح إليه ، من عيلَ صبرهُ على صاحبه ، توسعةً عليهم ، وإحساناً منه إليهم.
فلأجلِ العمل على هذا ؛ طلَّق عبد الله : محمد أبو البركات ابن الحاج ، زوجته الحرة العربية المصونة ، بنت الشيخ الوزير الحسيب النزيه : المرحوم أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الكناني ، طلقةً واحدةً ، ملكت بها أمر نفسها ، ونطق بذلك إراحةً لها من عشرته ، طالباً من الله ، أن يغني كلَّا من سعته ، وشهد بذلك على نفسه ، في صحَّته وجواز أمره”.