كتب/محمود كامل
أكدت دار الافتاء المصرية أن أيام عشر ذى الحجة ولياليها أيام مباركة يضاعف العمل فيها، ويستحب فيها الاجتهاد فى العبادة، وزيادة أعمال الخير والبر.
ورد الكثير فى فضل العشر الأوائل من شهر ذى الحجة، فقد قال الله تعالى فى سورة «الفجر»: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ وقد رجح كثير من المفسرين إلى أن هذه الليالى هى العشر من ذى الحجة، والتى يتعلق بها العديد من الأحكام والآداب والفضائل، ومنها ما يلى:
أولًا: أيام عشر ذى الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف العمل فيها، ويستحب فيها الاجتهاد فى العبادة، وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه، فالعمل الصالح فى هذه الأيام أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقى أيام السنة.
وعلى سبيل المثال فى هذه الأيام يفضل الصيام خلال التسعة أيام الأولى من شهر ذى الحجة، والمحافظة على أداء النوافل، كما يستحب أيضا كثرة الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وتلاوة القرآن، والأذكار.
بركة العشر الأوائل من ذى الحجة
وروى ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»، أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.
وقد حافظ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على صيام العَشر من ذى الحجّة،؛ ودليل ذلك ما ورد فى السنّة النبويّة من حديث حفصة -رضى الله عنها-، قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِى الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ).
ثانيًا: يستحب صيام الأيام الثمانية الأولى من ذى الحجة ليس لأن صومها سنة، ولكن لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة فى هذه الأيام، والصوم من الأعمال الصالحة، وإن كان هو من جملة العمل الصالح الذى حث النبى صلى الله عليه وآله وسلم على فعله فى هذه الأيام كما مر فى حديث ابن عباس.
واضافت الافتاء انه ورد هذا الفضل فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ؛ يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ القَدْرِ» أخرجه الترمذى فى «سننه».
الأعمال المستحبة فى العشرة من ذى الحجة
التقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال الفعلية والقولية أمرٌ مطالبٌ به المسلم فى كل حينٍ وفى كل زمانٍ ومكانٍ؛ فلا يقتصر على أيامٍ أو مواسم محددة فى السنة إلا أن هذه الأعمال تتأكد فى مواسم ومناسباتٍ ويتضاعف أجرها ومن هذه المناسبات أيام عشرة من ذى الحجة وقد أرشد كلٌّ من القرآن والسنة النبوية إلى مجموعةٍ من الأعمال فى هذه الأيام من باب الاستحباب ومنها:
> تلاوة القرآن الكريم.
> الإكثار من الذِّكر والدعاء والتهليل والتسبيح والتحميد.
> الإكثار من الصلوات النافلة فى الليل والنهار.
> ذبح الأضحية وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين والأهل.
> توزيع الصدقة.
> الصيام.
> قيام الليل.
> أداء العمرة مع الحج وزيارة المسجد النبوى والصلاة فيه.
> التوبة النصوح والإقبال على الله بكثرة الاستغفار والاعتراف بالذنب والتقصير والعزم على عدم العودة للمعاصى.
الحكمة من صيام عشرة من ذى الحجة
يُعدُّ الصيام من أفضل الأعمال الصالحة لما يترتب عليه من جزيل الثواب وعظيم الأجر، لذا ندب الشَّرع الكريم وما تواتر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى صيام أيام العشر من ذى الحجة قدر الاستطاعة ومن لم يستطيع صيامها جميعًا فعليه الحرص على صيام يومى التروية وعرفة أو يوم عرفة فقط ولكن يبقى هذا الصيام سنة لا فرض، والحكمة من الحث على صيام هذه الأيام أو بعضها اجتماع الأجر العميم لأمرين فى آنٍ واحدٍ وهما أجر صيام التطوع فالصيام لله تعالى وهو يجازى به والأمر الآخر حدوث الصوم فى أفضل أيام السنة عند الله وأعظمها أجرًا ومثوبةً؛ فلذلك تتضاعف الحسنات والأجر والثواب فى الدنيا والآخرة، كما أن فيها اقتداءً بالنبى صلى الله عليه وسلم الذى صام هذه الأيام وواظب على صيامها.
وعلى الرغم من عدم ثبوت صحّة بعض الأحاديث الواردة فى فضل صيام هذه العَشر على وجه الخصوص، إلّا أنّه لا يمنع من صومها، ويُشار إلى أنّ صيام اليوم التاسع من ذى الحجّة؛ وهو يوم عرفة مشروع لغير الحاجّ؛ فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتى بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتى قَبْلَهُ)، ويوم عرفة من أيّام الله العظيمة، وحَريّ بالمسلم أن يستغلّ فيه نَفَحات الرحمة، كما يُستحَبّ أن يصومه المسلم غير الحاجّ؛ ابتغاء تكفير ذنوبه.
وذهب الفقهاء إلى استحباب صيام الأيّام العشر الأوائل من ذى الحجّة باستثناء يوم عيد الأضحى المبارك؛ أى يوم النَّحر؛ وهو اليوم العاشر من ذى الحجّة؛ إذ يحرم على المسلم أن يصوم يوم العيد باتّفاق الفقهاء.