عندما قابلت محمود حميده…
(قصه حقيقيه بالكامل)
شرفت بلقاء الأستاذ مره واحده..
كنت كعادتى اليوميه آنذاك أقضي ليلتى بمحل عم ميلاد والد صديقي بولس..والذى كان قبلها بأشهر يحكي لى عن محمود حميدة وانه من محبي مدينه سيوه ..وانه صديق لوالده وصديق له يستعين بهم فى كل زياره لمطروح لتأجير شقه مناسبه وتيسير الأقامه.
كنت اعلم ميل صديقي للمبالغه فصدقت نصف قصته ..والنصف الآخر ..ما بين بين..
حتى جاءت تلك الليله..
كان بولس خارج المحل وانا اقف خلف تلاجه العرض ودخل زبون طويل عريض ..بصحبته فتاه ضئيلة الحجم..
-مساء الخير ..
-مساء النور
ظل واقفا على مسافه منى يتأمل الكتب المرصوصه على رفين فوق مكتب عم ميلاد..
كعادتى لا أركز ف ملامح البشر لكن طريقه القاءه للسلام وشياكه البنت جعلتنى اتأمله..وواحده واحده بدأت استوعب..ايه ده؟
ده محمود حميدة..!!
اخدتنى المفاجأة لثوانى..ولثوانى اخري اخذت افكر فى جمله لا تجعلنى ابدو غبيا لأبدأ بها الحوار معه ..وجدتنى اقول من قلبي:
– انا بحبك والله.
اخيرا ضحك واتجه ناحيتي قائلا:
-وانا كمان.
سلم عليا وطلب من رفيقته ان تسلم وقدمها قائلا:
– بنتى آيه.
انقذنى وصول صديقي بولس من التفكير فى كلمات اخري وسلم على الأستاذ وتبينت من حوارهم انهم بالفعل اصدقاء.
ثم قدمنى صديقي له قائلا:
– ده حماده صاحبي..بيحب القرايه والسينما.. وبيحب الشعر زيك..ده انا حكيتله عن حضرتك كتير والله.
ثم بعشم قال له:
– ما تقولنا كده يا استاذ القصيده بتاعه فؤاد حداد عن السينما.
برحابه صدر بدأ الأستاذ الإلقاء بقصيده لا أذكر الا بداياتها(قتلت جوجل بحثا عنها حتى ادقق الكلمات ولم أوفق..فأعتمدت على ذاكره وهنت بحكم الزمن) ومازال مطلعها يرن فى اذنى بصوت محمود حميده:
-“إللى اخترعوا السينما تمانيه..
واحد فيهم كان طليانى..
اما السبعه من المانيا.”
واكمل القصيده للنهايه فأعجبت جدا بصوته وطريقته فى الإلقاء..
وزياده فى العشم تكلم عنى صديقي بولس موجها كلامه للاستاذ:
– ده حماده بيحبك اوى يا استاذ.. ولو حضرتك تسمح يعنى اجيبه معايا المره الجايه نقعد معاك ولو نص ساعه.
بترحيب وتواضع رد الرجل:
-اه وماله.. ابقي هاته معاك.
طبعا انا انجعصت وانسبطت جدا ان حقعد مع حد مشهور ومثقف وبحبه كمان..وهذا الانجعاص جعلنى ارتكب اكبر خطأ كلفنى فرصه اللقاء الثانى عندما قلت:
– كويس فؤاد حداد(اشهر أعماله المسحراتى من الحان سيد مكاوى) ..بس الصراحه انا بفضل عليه شعرا تانيين احسن منه..زى فؤاد قاعود.
كنت ايامها اقرأ لشاعر عاميه لم يأخذ حقه من الشهره رغم انى كنت -ومازلت- اعتبره من اقوى الزجالين وهو الشاعر فؤاد قاعود..وكنت قرأت قصائد لفؤاد حداد لم استسغها أو افهمها.
طبعا لم أكن اعلم ان الاستاذ محمود حميده يحب فؤاد حداد لدرجه الهوس.. لكن من رد فعله عرفت.
تغير وجهه من الود والانسجام إلى الألاطه المعروفه عنه ونظر لبولس قائلا بحده:
– فؤاد مين؟! بيقول ايه ده؟!!
ثم مشيرا إلى بطريقته الشهيره كأنه يصدر حكما:
– باولو..الواد ده حمار..متجيبوش معاك.
وأخذ أبنته فى يده وانصرف غاضبا.
احمر وجهى خجلا فقلت لصالحبي:
– هوا ماله الجدع ده ؟ ده كأنى شتمته.
شرح لى بولس ماذا يعنى فؤاد حداد بالنسبه للاستاذ وانه قارئ عاشق و متعصب لشعره فبدأت استوعب..وان لم أتفق.
مرت خمس عشره سنه.. خلالها عندما أجد امامى ديوان لفؤاد حداد اتذكر محمود حميده واشترى الكتاب واقرأه محاولا الدخول فى العالم الشعري للشاعر الكبير..
ولكن حتى الآن لازلت افضل عنه شعراء آخرين ..كصلاح جاهين مثلا.
ومع أنه قد مر على ذلك الموقف حوالى خمسه عشر عاما إلا أن شخصيه محمود حميده الطاغيه تركت فى نفسي اثرا لا يمحى..والنكته أن اما بكون قاعد مع حد ويجيء مشهد او مقابله له اقول لمن معى بفخر :
-اه..ده محمود حميده..صاحبي.
وابدأ احكي انى قابلته مره واتكلمت معاه.
برغم ان اللقاء لم يزد عن عشر دقائق.. وأنه قال عليا حمار…وأن الرجل اكيد قد نسينى بعدها يومين على الاكثر.. و..لكن..رغم كل ذلك.. فانا حبيته بزياده..لأنه ابن بلد.. ولأنه صاحبي -ولو من طرف واحد-..
الفنان الجميل…الباشا
الكاريزما..
محمود حميده.