( د / رضا عبد الحليم )
مدير عام بوزارة السياحة والآثار
يسعدني ويشرفني أن أقدم نفسي للقارئ الكريم خاصة أنني أكتب لحضراتكم لأول مرة بجريدتكم الموقرة آملاً أن تكون فاتحة خير بيني وبينكم ان شاء الله تعالى
فقد بدأت حياتي العملية – بعد تخرجي في كلية الآثار / جامعة القاهرة بتقدير عام جيد جداً – مفتشاً ( مساعداً ) للآثار بمنطقة آثار الهرم وقد كان لعشقي لكل حبة رملة في أرض مصر الأثرية قمت بعمل ماجستير في الحضارة المصرية القديمة في موضوع غاية في الأهمية والمعنون ب ( الأهرامات الحجرية واللبنية لملوك الأسرة الثانية عشرة من تارخ مصر الفرعونية ) ونلت به درجة ( ممتاز ) ثم عكفت على دراسة الدكتوراة في ( المدارس الفنية للتماثيل الملكية لملو الأسرة الثانية عشرة الفرعونية ) وقد حصلت على درجة ( امتياز مع مرتبة الشرف الأولى ) .
وطوال فترة عملي ضمن المواقع المختلفة داخل منطقة آثار الهرم التي تشمل أكثر من عشر مواقع يتم توزيع الآثاريين بها عليها تصادف وجودي في منطقة مقبرة الملكة ( خنتكاوس ) تلاحظ لي وجود صخرة ضخمة في شكل وحجم أبو الهول القديم ولكنها تتجه برأسها ناحية الغرب وعكس أبو الهول القديم الذي يتجه ناحية الشرق .
وكانت الفرصة متاحة لي أن أقوم بدراسات علمية وعملية كان أولها إحضار مهندس أملاك منطقة آثار الهرم المتخصص في الرفع المساحي وكانت المفاجاة أن جاء تقرير مهندس أملاك الآثار والمعين بمنطقة آثار الهرم أن مقاسات صخرة أبو الهول الثاني مطابقة للرفع المساحي لصخرة أبو الهول الأول القديم .
وحيث أنني متخصص بحكم الدكتوراة في فنون المصريين القدماء قمت بدراسة اللوحة الحجرية التي بين يدى أبو الهول القديم والمعروفة باسم ( لوحة الحلم ) والمرفق لها صورة ضمن هذا المقال – وجدت أن الملك تحتمس الرابع في هذه اللوحة الحجرية التي من حجر الجرانيت الوردي المجلوب من أسوان آنذاك، في اشارة من الملك انه يقدم القرابين لعدد إثنان من تماثيل أبو الهول وكلاهما ينظر في اتجاه عكس الآخر .
علاوة على دراستي للتاريخ الحديث وفترة الجبرتي الذي ذكر أن أحد المغاربة والمسمى أبو ( عبد الله بن عبدالحكم ) جاء لزيارة مصر سنة 780 م وقد رأي هذا الرجل تمثالين لأبي الهول في هضبة الأهرام على مقربة من بعضهما البعض .
والواقع أن المسافة بينهما لا تزيد عن 400 م تقريباً حيث أن أبو الهول الثاني متاخم لمقبرة الملكة ( خنتكاوس ) من الناحية الجنوبية ويحدها من الشمال مقابر أبناء خعفرع وأشهر هذه المقابر مقبرة ( خعفرع عنخ )
وكانت فرصتي مواتية بعد العديد من الدراسات المقارنة لتقديم بحث علمي شامل الى علماء المصريات بمؤتمرهم بالمعهد العالي لحضارات الشرق الأدني القديم بجامعة الزقازيق في مارس عام 2016م وتم نشرة بمجلة المعهد آنذاك ، سبق هذه الخطوة أن تقدمت لمجلة جمعية أثرية ببولندا تشرفت بعضويتها Wisdom of Nations حيث قامت هذه المؤسسة بنشر مقالات عدة عن هذا الإكتشاف 2013م باللغتين الإنجليزية والبولندية وبعدها قامت العديد من القنوات الفضائية المصرية والدولية بالتواصل معي حول ملابسات هذا الكشف المبهر على حد قولهم.
تقدمت عام 2017 م بصورة ضوئية من بحثي المنشور عن أبو الهول الثاني المكتشف بمعرفتي بمنطقة آثار الهرم إلى إدارة الترميم بمنطقة آثار الهرم بعد المعاينة على الطبيعة بمعرفة مدير منطقة آثار الهرم و بحضور مدير إدارة الترميم بالمنطقة ومدير إدارة ترميم الجيزة والسيد الدكتور / مدير عام المتابعة والترميم بالمجلس الأعلى للآثار في لجنة علمية بغرض ترميم صخرة أبو الهول الثاني التي في حالة سيئة من الحفظ أسوة بنفس مشاكل صخرة أبو الهول الأول القديم .
الإ أن الرد على تما تقدمت به لم يصلني بعد خاصة وأن سعيت مراراً والتساؤل عن تعطل إتخاذ قرار بترميم صخرة أبو الهول الثاني والذي ذكرت أنه بحكم عضويتي بجمعية دولية لدعم الأبحاث الأثرية سوف تقوم هذه الجمعية التي تسمى ( حكمة الأمم) WISDOM OF NATIONS بالصرف والإنفاق على أي متطلبات لشراء مواد الترميم ) ولكن لاحياة لمن تنادي ولايزال طلبي بالأدراج منذ قرابة أربع سنوات !!!
وفي صبيحة يوم الأحد الموافق 24 أكتوبر الماضي كنت مدعو من قبل مجموعة من شباب الآثاريين تحت كيان يسمى ( كنوز مصر ) لإلقاء محاضرات لعدد مايزيد عن الخمسين آثاري داخل جنبات منطقة آثار الهرم واستجبت لهم بحم وظيفتي كمديراً عاماً للعلاقات العامة بمنطقة آثار الهرم وفي نهاية الجولة طلبوا مني زيارة موقع أبو الهول الثاني المكتشف بمعرفتي بمنطقة آثار الهرم ولم أتردد وعلى الفور صاحبني في هذا اليوم العديد من الصحافيين المنتمين للثقافة والسياحة والآثار وقام أحدهم مسئول موقع إخباري أليكتروني يسمى ( القاهرة 24 ) بعمل معي لقاء لايف من جوار صخرة أبو الهول الثاني ونقل للعالم هذا الأثر المغمور والذي لقى مشاهدة وانبهار الملايين من المصريين والعرب والأجانب خاصة وأنني منذ أكثر من ثلاثين عاماً اناشد المسئولين بالحضور معي لإرشادهم عن موقع هذه الصخرة التي لايعرفها حتى الكثيرين من زملائي من شباب الآثاريين العاملين بمنطقة آثار الهرم أنفسهم .
وكانت المفاجأة أن قام السيد الدكتور الأمين العام بالرد على بعض القنوات التليفويونية في نفس اليوم – بعد أن أحدث هذا اللايف صدى واسع – قائلا أن السيد رضا عبد الحليم هو أحد مفتشي آثار الهرم وأن مايزعمه كانت مفاجأة للمجلس خاصة وأن مثل هذه الصخور الحجرية موجود مثلها في قلعة صلاح الدين وغيرها وأن المجلس الأعلى للآثار سيقوم بعمل حفائر بالموقع ونسى سيادته أن الصخرة ظاهرة على السطح بارتفاع عند رأس التمثال حوالي 20 متر ونصف تقريبا وحجمها يتخطى حاجز السبعين متر بقليل !!!!
ولم يكتف سيادته بهذا التصريح المهين والمشين مع قناة القاهرة والناس والمدعو ( خيري رمضان ) – متناسياً أنه زميل لي عملنا سويا بمنطقة آثار الهرم وكنت ومازلت أقدم من سيادته بثلاث سنوات بحكم التخرج في كلية الآثار وسبقته للعمل بمنطقة أثار الهرم بأقدمية ثلاث سنوات كاملة – بل وزاد الطين بلة حينما أخبرني زميلي كبير مفتشي أثار الهرم على الواتساب أن السيد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قد أصدر قرارة التعسفي بنقلي من مقر عملي بمنطقة آثار الهرم ( مديرا عاما للعلاقات العامة والتعديات ) الي إدراة الأرشيف المعروفة باسم إدارة التوثيق التي يتجمع فيها معارضي والمغضوب عليهم من موظفي وزارة الآثار وذلك في بتاريخ 1 نوفمبر الماضي أي بعد ستة أيام من البث المباشر ! و اتصل بي مدير المنطقة وهو أحد تلاميذي يخبرني ان لم تأتي لإخلاء طرفك بالهرم سنكون مضطرين لعمل إخلاء إداري نظرا للضغوط من مكتب الدكتور الأمين العام بل قاموا فورا بذلك !!!
علماً بأنني في هذا البث الذي أزعج سيادته ناشدت معالي وزير الآثار والسيد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بالحضور معي لنعلن للدنيا كلها خبر وجود أبو الهول الثاني بمنطقة آثار الهرم بعد تأصيل فكرته علميا وطالبت أصحاب الرأي من علماء الآثار للوقوف على ما قمت به من بحث يزيد في إنعاش السياحة ويثري الحقل الأثري بفكرة السيميترية او الإزدواجية في الفن المصري القديم، علاوة على أن المصري القديم كان يعتقد بأن أبو الهول القديم الذي يستقبل المعبود رع وقت الشروق فإنه بالضرورة من وجود أبو الهول الغربي الذي يودع الشمس ساعة الغروب في صورة المعبود آتوم …. وذلك نابع من المصرية القديمة كما درسناها لمدة أربعين عاماً منذ عام 1981 م وحتى كتابة هذه السطور .
وباب البحث العلمي مفتوح لكل الباحثين وطرح الأفكار وارد ومباح في كل مناحي الحياة في العالم إلا وزارة الآثار التي يتحكم فيها وزير سابق يدير من الخفاء ويهاجم أي مكتشف وباحث زاعماً أنه المكتشف الأوحد في وزارتنا الوليدة .
و في النهاية أناشد المسئولين للمرة العاشرة بضرورة دراسة ماقدمت ومناقشتي الحجة بالحجة وتكريم من تعب وبذل الجهد والوقت والمال بدلاً من نفية لأرشيف لايليق بباحث قضي معظم سني عمرة دارساً وباحثاً ومديراً لبعثة أثرية لإنقاذ هرم لبني يسمى بهرم هوارة بالفيوم وله قصة طويلة نسردها في لقاء قادم إذا شاء الله وقدر ,,,
وفي النهاية آمل أن أكون أوجزت فإن أصبت فلله الفضل والمنة وإن كانت الأخرى فحسبي أنني إجتهدت وحاولت …
والله من وراء القصد وعلى الله قصد السبيل
د/ رضاعبدالحليم محمد خليفة
مديرعام بوزارة السياحة والآثار
عضو نقابة المرشدين السياحيين
عضو اتحاد الآثاريين العرب
عضو مؤسس لجمعية حكمة الأمم بوارسو مدرس الآثار المصرية والمنتدب لتدريس الهيروغليفية والتاريخ المصري القديم وحضارة مصر وآثارها بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان لمدة ثلاث سنوات سابقة . والمنقول حاليا للعمل مديراً عاما بالأرشيف او بالتوثيق الأثري بلاظوغلي