توالت السنوات والادوار …ولم تتجاوز صاحبتى الأدوار الصغيره بموهبتها المحدوده ولكنها دشنت نفسها كممثله محترفه.. ان لم تعرف اسمها فعلى الاقل ستعرف وجهها ..وبالنسبه لشخص مثلها فهو انجاز..
حتى تلقيت منها اتصال وطلبت لقائى لأمر يهمنى حسبما قالت…
لم اندهش حين رأيتها فى هالتها الجديده..وبصرف النظر عن حذائها عالى الكعب …وثيابها الانيقه رغم بساطتها الممتنعه.. وشعرها المنسدل بحريه يحرك الهواء ..وتضاريسها إلتى انكمشت وتمددت بحسابات دقيقه استعان فيها طبيب التجميل بمهندس ديكور فيما اعتقدت..اكثر ما لفت انتباهى هو تغير نظراتها حيث أصبحت اكثر ثقه وتعاليا ومرحا.
طلبت شيشه… وطلبت انا قهوه واشعلت سيجاره حتى اجاريها فى التدخين فأختلط دخانى بدخانها.. ثم دخلت فى لب الموضوع:
-محمد.. تحب تمثل؟
اعتقدت أنها دعابه فابتسمت.. لكن نظرتها الجاده غيرت اعتقادى فقلت باستنكار:
-بتهزرى طبعا.
-يعنى انا جايه اشوفك وجايباك لحد هنا عشان اهزر معاك؟
-لا بس فاجأتنيني..اولا مع احترامي ليكي.. انتى بقالك كتير اه بس مش مشهوره اوى يعنى.. وقدامك كتير علشان توصلي.. ده لو وصلتى اصلا.
تلقت الضربه بثبات فمالت نحوى واخترقت عيناى بنطراتها القويه وقالت بسخريه:
– وثانيا؟
-ثانيا انا مليش ف التمثيل.
ازدادت نظرتها اختراقا لاعماقى وبحكم تاريخنا الطويل قالت بلهجه ذات معنى:
– وحياه امك؟
مر فى ذاكرتى ما حدث ايام كانت صاحبتى أصغر سنا وأكثر براءه …عرفت انى لن استطيع مراوغتها..فتراجعت كديب علق قائلا يتودد:
-وبعدين يا فنانه انتى مش عارفه انا بشتغل فين.
-عارفه..بص يا سيدى ..الموضوع وما فيه ابسط من كده بكتير..انا شغاله ف مسلسل هينزل ف رمضان ..وعايزين وش مش معروف معانا..أما قريت الدور فكرت فيك..الشخصيه شبهك..انت.. بطولك.. بشكلك ..يغتاتك..بس تقلع النظاره واحلق ام الشنب اللى انت قارفنا بيه ده…هما ٣ مشاهد مش حكايه يعنى بس انا حباك تكون معايا .جرب..اطلع من السجن اللى انت عايش فيه ده..هتعيش جو متحلمش بيه..ومين عارف.
-يا بنتى انتى حماره؟انا معرفش اتنيل.. وحتى معنديش الجرأه.
تراجعت فى مقعدها وسحبت نفسا عميقا استدعت به ما تود أن تقوله وتبدلت نظرتها واكتست نبراتها بحكمه اكتسبتها من سنوات عاشتها بمجتمع مفتوح وثري ثم قالت:
– انت فاكر نفسك مش بتمثل؟ انت فاهم غلط..انت من ساعه ما بتخرج من بيتك بتمثل عشان تعيش..كام مره بتقول لحد صباح الفل ووشك مبتسم وانت مش طايقه؟بتلبس وش غير وشك الحقيقي..انت مع مراتك بوش غير اللى مع صاحبتك ..مع صاحبك غير مع زميلك ..بتضحك وبتكشر حسب المصلحه وحسب بتتعامل مع مين..الوقت الوحيد اللى بتكون فيه على حقيقتك هوا وانت لوحدك ومحدش شايفك..وكله كده..كله بيمثل على كله.
خاطبت عقلي برؤيتها للأمور من منظور مختلف وجدت به ثغره واحده نفذت منها قائلا:
– كلامك صح..بس ده مش معناه أننا بنمثل على بعض أو بنخدع..كل الحكايه أننا بنتعامل حسب الموقف وحسب العلاقه اللى بينا وبين الناس..مش معقول يعنى حعامل زميلي زى ابنى ..ولا اخويا زى الغريب..كل علاقه وكل موقف له تصرف مختلف وبوش مختلف..حتى مزاجنا بيأثر فى رد فعلنا..
ثم ساخرا:
– ما هوا لو كل واحد عامل مراته زى ما بيعامل صاحبته ..مكنتش البيوت خربت.
ضحكت قائله:
– ماشي…هعديهالك..طب والمجاملات.. والنفاق..والابتسامات ف وشوش ناس انت عاوز تقتلهم اصلا..ده مش تمثيل برضه؟
لم أجد ردا على وجاهه رأيها.. فقلت منهيا الحوار:
– حتى لو كده انا معنديش موهبه..مش حينفع..بس شكرا انك فكرتي فيا.
وافترقنا..
لم اقابلها بعدها فنسيت الموضوع..حتى شاهدتها صدفه وانا أمارس عادتى الصباحيه فى استعراض محتوى اليوتيوب..كانت تجرى لقاء على هامش مهرجان الجونه الاخير.. تحدثت عن عشقها للفن منذ نعومه اظافرها وممارستها التمثيل بالصغر فى مسرح المدرسه.
تذكرت حوارنا الاخير أثناء ارتدائى لملابسي للذهاب للعمل..
عقدت رابطه العنق..صففت شعرى..ارتديت حذائي..نظرت نظره اخيره فى المرآه لأتاكد من تطابق مظهرى مع شخصيه الموظف التى سأؤديها بعد دقائق..
غادرت مسكنى تاركا وحدتى وحيده..
وخرجت بوجه اخر متأهبا لأداء ادوارى فى الحياه.
عدد المشاهدات : 59
مرتبط
زر الذهاب إلى الأعلى