كتب / حسنى طلبة :
عرف المصريون القهوة منذ القرن السادس عشر الميلادى على يد الصوفى ابو بكر بن عبد الله المعروف بالعيدروسى ..
ولقد حرم البعض القهوة لما فيها من ضرر ..إلا أن المتصوفون خالفوا ذلك الرأى !! وفى مطلع القرن العاشر الهجري حسمت مشكلة تحريم القهوة .. وانتشرت فى القاهرة الاماكن التى تقدمها ..وبالرغم من وجود هذه الأماكن من قبل إلا أنها لم يطلق عليها اسم ( مقاه ) أو ( قهاوى )؛الا بعد تقديم مشروب
القهوة بها .. ويبدو أن المقاهي عرفت فى مصر أثناء الحكم العثمانى .. فلم نجد فى مراجع التاريخ خلال العصور الإسلامية أو العصر المملوكي إشارة إلى وجود المقاهى فى ذلك الوقت
بل كانت التجمعات تتم فى أماكن غير المقاهى !!
مظاهرة يوسف ادريس
كافيه ( ريش ) ولدت به جماعة ( جاليرى ٦٨ ) للفنان التشكيلى ( على رزق الله ) ولعله يستحق لقب ملتقى جيل الستينات لانه الميلاد الحقيقى لأبناء هذا الجيل خاصة بعد هزبمة ١٩٦٧ !!
وعن الأحداث الكثيرة التى شاهدها المقهى تلك المظاهرة الكبيرة التى قادها الكاتب الراحل ( يوسف ادريس) عقب اغتيال ( كمال رسلان )!حيث بدأ التخطيط للمظاهرة !! كما شهد أيضا ندوة ( نجيب محفوظ ) التى استمرت حتى منتصف الستينات.. وقهوة ريش فى هذا المكان الكائن بشارع طلعت حرب
مازالت تحمل روائح الزمن الجميل .. جلس على أحد. مقاعدها ( الرئيس جمال عبد الناصر) يحتسى القهوة بعد ثورة يوليو ٥٢ ..
وفى مقهى ( ريش ) غنت ( ام كلثوم )؛على انغام بيونولا قديمة
فى العشرينات ..
كما كانت جزءا من حياة شاب عراقى جاء يدرس بالقاهرة إلى أن أصبح رئيسا لدولته وهو ( الرئيس صدام حسين )!!
ويذكر صاحب مقهى ريش أن تحت المقهى يوجد سرداب به المطبعة التى كانت تطبع المنشورات السرية لثورة ١٩١٩
وكانت قهوة ريش هو المكان الذى يتجمع به اللاجئين السياسيين العرب مثل الشاعر العراقى ( عبد الوهاب البياتي)!
( قحطان الشعبى) – ( عبد الفتاح إسماعيل) رئيس جمهورية اليمن
الشعبية السابق ..
الجامعة العربية
على مقهى الفيشاوى !!
مقهى الفيشاوى بالحسين ومؤسس المقهى هو ( فهمى الفيشاوى ) والذى كان من المشرفين على إعداد الحفلات الملكية .. وذاع صيته عندما أهدته إحدى الاميرات ( رواقا كبيرا!!) يتكون من ٣٠ حجرة . ولم يبق منها الآن إلا بعض حجرات تشكل المقهى الذى اشتهر بتقديم الشاى الأخضر والنعناع !!
ولذلك نستحق أن نقول إن قهوة الفيشاوى يعتبر من أقدم المقاهى وأشهرها على الاطلاق ..
وأثناء الحرب العالمية الأولى
تحول المقهى الى منتدى ثقافى يجتمع فيه رجال الأزهر من جميع الجنسيات من علماء الدين بعد صلاة العصر يوميا لمناقشة كافة القضايا الدينية
وقد نسب الفضل لمقهى الفيشاوى فى تعريف ( الشيخ زكريا احمد ) على ( بيرم التونسى )!.. وشهد المقهى مناقشات حول تطوير الأغنية
المصرية ..
قهوة (متاتيا ) شهدت بداية
رأفت الهجان وام كلثوم !!
قهوة ( متاتيا )؛بعمارة متاتيا والتى أنشئت عام ١٨٧٥م .وكانت آنذاك إحدى أشهر عمائر مدينة القاهرة التى لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة ..أن لم تكن أشهرها ..وكانت تشغلها لوكاندة
شهيرة اسمها لوكاندة مصر ..
أما أسفلها فكانت تشغلها بارات ومقاهى كانت ملء السمع والبصر ..واهمها ثلاث مقاه ..
اثنان منها يطلان على ميدان
العتبة ..احدهما ( مقهى المختلط
ويرجع اسمع إلى وجود المحكمة المختلطة القديمة امامه فى وسط ميدان العتبة الحالى.والتى هدمت سنة ١٩٣٦
أما المقهى الثانى فهو المقهى العمومى والمشهور باسم ( مقهى متاتيا) وهو المقهى الأكبر.وكان واجهةوعمارة (متاتيا)؛المطلة على ميدان العتبة ..
ومن أشهر حكايات مقهى متاتيا جلوس ( رأفت الهجان)
عليه فى بداية عمله بالمخابرات المصرية !!
قهوة ( ام كلثوم ) التى ارتبطت باغانى ام كلثوم ..حيث يطلب الزبون اغنية لثومةوالتى ارتبط المفهى بها منذ إنشائه فى أواخر الأربعينات ..
وفى بدايات انشاء المقهى كان صوت ام كلثوم نادرا حيث لم تكن هناك حفلات دائمة لها سواء فى الإذاعة أو حتى المسرح .وكان المقهى هو المكان
الوحيد تقريبا الذى تتواصل فيه أغانيها فى كل وقت !!
وكانت ( ام كلثوم ) نفسها تأتى وتجلس فى سيارتها لتستمع
لاغانيها ..كانت تجلس فى محل الجيلاتى فيلتف حولها الناس ليهنؤها على نجاح أغانيها..ولكنها انتهت بمحرد ان بدا المقهى فى دفع رسوم لجمعية المؤلفين والملحنين !!
ومن أشهر رواد المقهى الفنان
( سيد.مكاوى ) – ( الحبيب بورقيبة )! رئيس دولة تونس
السابق ..
مقهى التجارة
للموسيقيين فقط !!
مقهى ( التجارة )!يقع فى شارع محمد على يتجاوز ١٢٠ عاما يحمل تاريخا طويلا منء
بداية انكسار نهضة محمد.على !!. حيث أنشأ ابنه ( عباس حلمى الاول ) – ( حى الحلمية )!.. الذى يقع به شارع محمد على ..وكان المقهى فى بدايته بارا !!
وبعد إلغائه أصبح المكان الشهير لتجمع كل العاملين بالفرق الموسيقية والعوالم واسطوات الغناء والافراح ..
وقد ظل المقهى لسنوات طويلة الباب الخلفى لدخول عالم
الغناء والطرب إلى مصر .. قبل وبعد انشاء معهد الموسيقى العربية .. فى البداية لم يكن مسموحا بالجلوس على تلك المقاهى الا الموسيقيين فقط!!
واولاد الحاج على صاحب المقهى يذكرون عشرات المرات التى طرد فيها والدهم زبائن ليسوا موسيقيين من المقهى رغم أنهم يدافعون الحساب !!
فقد كان يحافظ على نوعية خاصة من الزبائن..وكان من بينهم ( محمد عبد المطلب – محمد رشدى )! وقد اشترى بائع
فراخ المبنى وهدم جميع أدواره
ما عدا الدور الاول !! خاصة بعد.تصدى أصحاب المقهى له ..
مقهى ركس
الكرسى من باريس !!
كان يجلس عليه نحيب الريحانى
عندما تمضى بشارع عماد الدين لابد ان تجد ( مقهى ركس ) الذى اتشىء عام ١٩٣١ وامتلكه الخواحه ( داود عدس )
والذى الح عليه الخواجه (جناكليس) اليونانى بعد فترة
أن يشتريها..وأغراه بتجديده وبالفعل استورد لها كراسى خشبية من باريس وأطلق عليه
اسم ( ركس ) !!
كان الفنان ( نجيب الريحانى)
يقابل فنانى مسرحه الذين ادمنوا مساومته على أجورهم !!
ولعل جلوس الريحانى فى هذا المقهى هو أنه كان فى ذلك الوقت بحوار مسرح(الكورسال).
رشدى أباظة والكومبارس!!
بالقرب من مقهى ام كلثوم قهوة ( بعرة ) أو مقهى ( الكومبارس ) والذى يجلس عليه اغلب العاملين فى الافلام والمسلسلات من الكومبارس !!
وكذلك الذين يعملون ( كدوبلير)
لابطال الافلام فى المشاهد الخطيرة !! وعن اصل الاسم يقال إن الفنان الكبير( رشدى أباظة) هو الذى أطلق على المقهى هذا الاسم !! لانه كان صديقا حميما لصاحب المقهى!
وكان يحب أن يناديه ( بعرور)
اى الجمل الصغير ..ويرفض صاحب المقهى أن يطلق على المقهى قهوة ( الكومبارس )لأنها قهوة الفنانين كلهم ..فكل نجوم الصف الاول كانوا من زبائن المقهى مثل ( عادل امام محمود حميده ) ونجوم الزمن الجميل
( رشدى أباظة – حسين صدقى – انور وجدى )..
عبد الوهاب / محمود مرسى
يوسف شاهين يجلسون على
مقهى الدراويش
مقهى ( الدراويش)؛يقع خلف
جامع الحسين مباشرة ..وفى هذا الوقت كانت تقدم سرداقات الفنون الشعبية.والتواشيح الدينية !! ومن نجوم المقهى
( السفرتى وفرقته )؛وكان يقدم
الاغانى والمواويل خلال شهر رمضان ..والسفرتى هو( السيد عزب السفرتى ) يبلغ من العمر ٧٠ عاما .والسفرتى فى لغة الفنانين تعنى من يعزف على الصفارة !!
والتى من الناى!! والسفرتى ووالد صاحب المقهى كانا صديقين حميمين .ولذلك.فإنه لا يتقاضى اى اجر من المقهى !!
وانما بكتفى بالنقوط الذى يقدم من الزبائن للفرقة ويتراوح يوميا
بين ٢٥٠ – ٤٠٠ جنيه عن كل حفلة فى شهر رمضان ..أما حفلات الذكر فيقيمها هو وفرقته بدون اجر لوجه الله !!
لذلك نجد أن حضور حفلات السفرتى فى مقهى الدراويش
لا يقتصر على الرجال وانما يسمح للسيدات بالحضور مادام
جلوسهم فى المكان المخصص للسيدات والعائلات!! ويكون الرقص مسموحا به للرجال فقط ،!! وهناك العديد من المشاهير ممن كانوا يفضلون
سهرانهم فى شهر رمضان ..
ومنهم ( الموسيقار محمد عبد الوهاب / والفنانين : محمود مرسى/ صلاح منصور/ يوسف شاهين ) ..
مقهى ابو شنب
للصحفيين والصحافة
مقهى ( ابو شنب ) كان أمام
وزارة الداخلية …وكان يملكه رجل يونانى كان له شارب كبير يحتل نصف وجهه .. ولذلك أطلقوا عليه اسم ( ابو شنب )
واطلقوا على فهوته اسم قهوة
( ابو شنب ) ..ولقد كانت هذه
القهوة مكانا للقاء مندوبى الصحف العربية والافرنجية فى ذلك الزمان ..
وكان الصحفيون يجتمعون فى المقهى بسبب قربه من وزارة
الداخلية .. ومجلس الوزراء..
الذى كان مقره فى ميدان لاظوغلى فى قصر ( اسماعيل
باشا المفتش ) وكان العرف السائد فى ذلك الوقت ان رئيس
الوزراء هو الذى يتولى منصب وزير الداخلية .ولذلك كانت اخبار الدولة تجتمع فى قهوة (ابو شنب ) اما الصحافيون فقد.كانت لهم نوادر وعجائب للحصول على الاخبار !!
ومن النوادر أن بعض الصحافيين.كانوا يشترون الاوراق المهملة من المسؤولين
فى وزارة الداخلية !! كل حسب طاقته !! فاحدهم كان يشترى سلة مهملات وكيل وزارة الداخلية والآخر يشترى سلة مدير الأمن العام أو رئيس القلم السياسى !!
واغلقت القهوة لينتهى بذلك زمن متميز للصحافيين والصحافة على طاولات هذا المقهى !!
المراجع: مقالة الصحفية :
منى عسماوى
فى محلة صباح الخير
حسنى طلبة
نائب رئيس تحرير جريدة تحيا
مصر حرة
والى اللقاء من الجزء الثانى من :-
( نوادر غريبة ..وحكايات عجيبة
على مقاهى المحروسة )