بديع خيرى
اشهر كاتب قصة وحوار الافلام
والمسرحيات من الثلاثينات
حتى منتصف الستينات
ولد ( بديع خيرى) فى شارع المغربلين بالدرب الاحمر ..اى فى جوف القاهرة القديمة ٠٠قاهرة المعز ..ولد بديع خيرى من أب وفد من تركيا الى مصر وعمل مدير حسابات الوالدة باشا أم الخديو عباس !! وتزوج عمر خيرى من كريمة الشيخ الليثى
أحد تجار الفورية المشهورين .
وبالطبع المنطقة الشعبية التى ولد بها بديع خيرى كانت لها أكبر الأثر فى تحديد.ملامح شخصيته
الفنية ..والناس فى هذه المنطقة المغربلين لم تتغير !! ولم تستطع المدنية الغربية وخاصة نتيجة الاستعمار الانجليزى أن تغير من
مظهرهم فهم ما يزالوا يرتدون الجلاليب ويضعون الطواقى على رؤوسهم !! مازال البخور يعبق الجو فى كل جنبات المكان ومازالت اصوات الدقاقين وهم
يطحنون عطاراتهم مسموعة لاهل الحى ٠٠ومازالت اللغة المصرية الدارجة نقية وعجزت عن غزو ألفاظها الجميلة الكلمات الغربية !!
بدأ بديع خيرى دراسته فى كتاب الحى حيث حفظ القرآن وتعلم مبادىء القراءة والكتابة ٠٠
ثم التحق بمدرسة بنبا قادن التى تتميز بمعمارها الاسلامى الفاخر ٠
وسبيلها المشهور ( سبيل أم عباس) وهو يعد من التحف الإسلامية ٠٠
وفى مرحلة الدراسة الابتدائية
أحسن بديع كتابة موضوعات الانشاء حتى أن درس اللغة العربية أطلق عليه لقب(الاستاذ)
فاستهواه بريق اللقب !!ومع اندفاع الغرور أراد أن يخرج.من صفحات الكراسات المدرسية إلى صفحات الجرائد فإذا به وهو مايزال فى الثالثة عشر من عمره ينظم أول قصيدة شعر له عن :
( عقيدة الحزب الوطنى الذى كان يشعل معظم المصريين حماسا به )ووقع القصيدة باسم
(ابن النيل) ثم بعث بها إلى جريدة (الأفكار)التى كان يصدرها أسبوعيا (أبو العينين بدر).وبالفعل نشر صاحب الجريدة القصيدة ..ومن فرط سرور الصبى بديع خيرى اشترى ثلاثين نسخة حيث قام بتوزيعها
على الأهل والأصدقاء ٠٠
وبعد المرحلة الابتدائية التحق بمدرسة الحلمية الثانوية بشارع السيوفية القريب من حى القلعة وحى الحلمية الجديدة ٠٠
وفى هذه المرحلة تنازعته هوايتان الاولى هواية (القراءة) التى جمعت ببنه وبين رائد من كتاب الكتابة المسرحية وهو
الاديب ( محمد تيمور)وربطت
بينهما أيضا الهواية الثانيةوهى
هواية(التمثيل) حيث انضمام إلى جمعية أنصار التمثيل ٠٠ ثم تركوها.واستطاع بديع خيرى بعد.ذلك هو والمحامى(محمد
حسن رحمى) أن بكونا ( نادى
التمثيل المصرى)٠٠
وعندماحصل بديع خيرى على شهادة البكالوريا كان اصغر تلميذ فى دفعته.!! وكانت نهاية المطاف
هى التحاقه.بمدرسة المعلمين.
العليا ٠٠
كان بديع خيرى كان يقضى اوقات.فراغه والعطلات الدراسية
متنقلا ما بين مقاهى الجمالية والبطالة أو مقاهى الامام الشافعى حيث كان يستمع فى تلك المقاهى الى غناء الربابة وقصص وإنشاد.الشعر الشعبى٠
وبدأ فى التردد.علىةدور التمثيل وخاصة مسرح (.دار السلام) ومسرح (ااكلوب المصرى)فى منطقة سيدنا الحسين٠٠ وفى فرقة( دار التمثيل المصرى) كان بديع وأصدقائه الطلبة يشبهون هواياتهم فقدموا حفلات تمثيلية
بمعدل.حفلة كل شهر تقريبا !!وذلك على بعض المسارح وعلى نفقتهم الخاصة !!ولأنهم كانوا عاجزين عن دفع أجرة مؤلف مسرحى .ذهبوا إلى الاديب
( محمد السباعى) ليسمح لهم بتمثيل مسرحية ( هنرى ازموند
الذى قام بترجمتها وهم يتوقعون منه أن يطالبهم بأجر .ولكن محمد.السباعى رحب بهم ولن يطالبهم باخر!!
وبعد ان حصل على دبلوم المعلمين العليا عمل مترجما فى ( شركة تليفونات.مصر) !!
وفصل منها لكراهيته للانجليز الذين كانوا رؤساءه فى الشركة ..وتعمد عدم ارسال شكوى منزنستر ( واطسون) على تعطيل تليفونه !! والتحق بعد.ذلك.مدرسافاشتغل.فى البداية فى طهطا.فى مدرسة
( رفاعة الطهطاوى)ثم انتقل الى
مدرسة ( السلطان حسين ) بشبرا
حيث انتقل بسكنه إلى هذا الحى
الذى يعيش فيه المسلمون والأقباط فى وئام وحب ومن هنا كان ايمان بديع خيرى ( الدين لله
والوطن للجميع )
وبجانب حبهزللتمثبل.ظهرت هواية أخرى وهى هواية ( نظم
الزجل) ٠٠ وكان سوق الزجل رائدا بسبب.لدؤ الشباب عقبةالحرب العالمية الأولى إلقاء المونولوجات.وكانزاسهر هؤلاء الشباب.( عبد.الله شداد/ أحمد.عسكر/ محمد عبد القدوس
توفيق المرتدلى) ثم ارتفع.الزجل
عندما دخل المونولوج المسارح باقى بين الفصول..حتى أن الشيخ( سلامة حجازى) نفسه كان بلقبه.٠٠
واستطاع بديع.خيرى طريقا
فى دنيا الزجل والمونولوج ٠٠
وكان أول مونولوج تقاضىةعنه
أجرا اشترته.منه ( فاطمة قدرى)
هو مونولوج ( ليلة العيد ) اشترته.منه لمبلغ خمسين قرشاً!!
وافي هذا المونولوج مونولوجا اخرمن النوع التراجيدى اسمه
( نابليون) كان يلقيه الممثل الهادىء محمد.تيمور .. ومونولوج اخر كان يلقيه ممثل
هاو هو ( يوسف وهبى) ٠٠
بديع خيرى ونجيب الريحانى
يقول بديع خيرى لمجلة ( الكواكب) بأنه يؤمن بأنه ولد مرتين الاولى عندما أتى إلى الدنيا فى١٨٩٣/٨/١٨ أما المرة الثانية فكانت.فى ذلك اليوم الذى التقى فيه بتوأم روحه وزميل مشواره الفنى الفنان
( نجيب الريحانى)١٩١٨/٨/١٨
ويقول ( فؤاد دواره.فى مقالة
له بمجلة (الكواكب):-
( أن هذا اللقاء التاريخى لو لم يتم – لسبب أو لآخر -؛لما اتيح
لبديع خيرى أن يحقق كل ما
عرفنا منه من ابداعات واضافات
لتراثنا.الفنى!!) ٠٠
قامت.فرقة.( نادى التمثيل المصرى بتقديم مسرحية بديع خيرى الاولى على(مسرح الاجبيسيانا) وهو المسرح الذى كان يقدم فين نحيب الريحانى
عروضه المسرحية ٠٠ وكانت فرقة لهواة تستأجر المسرح نهارا
فى الأيام.ااتى يقدم فيها الريحانى عروضه المسائية وكانوا يعرضون.مسرحية ( أما.حتة ورطة) !!
وفى أحد.الابام بينما.كانت الفرقة تقدم المسرحية دخل عليهم الكواليس أحد.اعصاء الفرقة وكان.يدعى( جورج شفتش) وكانت مهمته هى أن يرتدى بدلة سوداء أنيقة ويضع فى عروة سترته شارة حفلات
ويقف.على باب الصالة يستقبل المدعوين !! واخبرهم جورج شفتش وهو يحاول.ان يلتقط أنفاسه.من شدة الانفعال بأن
نجبب الريحانى بتفرج عليهم !
ويقول بديع خيرى : وبقى نجيب ليلتها الى اخر المسرحية وصفق للمسرحية كثيرا !!
وكان نجيب الريحانى عرف جورج شفتش معرفة وثيقة وسأله عن المؤلف الذى كتب هذه المسرحية .. وكان بديع لا يضع اسمه على إعلانات.المسرحية كمؤلف خشية أن يفقد.وظيفته كمدرس !! فكان بنسب تأليفها لجورج شفتش !!
المهم احاب جورج شفتش على الريحانى أنا !! فطلب منه الريحانى التعاون معه فى تأليف
المسرحيات فوقع فى ورطة مثل عنوان المسرحية !!
وذهب جورج إلى بديع خيرى طالبا وسأله فى أن يقوم بالكتابة الريحانى ويقوم شفتش بالبيع له والنصف بالنصف !! ووجد بديع خيرى فيما عرضه عليه صديقه شفتش ( توسعة مادية تخرجه من ضايقته المادية ولو انها مصحوبة بفن.ادبى ولكنه لم يتردد فى قبول العرض ) !!
وكتب بديع قصيدة ( الإعجام)
وكان مطلعه :
احنا ياافندم تجار اعجام
جينا من شأن بيعوابضاعة تمام
وتلقى الريحانى كلمات القصيدة
بإعجاب شديد كان لا يخلو من ريبة فى جورج شفتش !!
وكتب بديع خيرى بعد ذلك ثلاث مسرحيات قدمها شفتش إلى الريحانى على أنها من تأليفه
وهى مسرحيات ( على كيفك /
كله من ده / استعراض ١٩١٨ –
١٩٢٠) ونجحت المسرحيات مما جعل الريحانى يشعر بالارتياح
ويطمئن إلى مستقبل فرقته التى
كان بتهددها.عدم وجود المؤلف
الذى بكتب لها المسرحيات الناجحة ٠٠
وظل بديع خيرى يرى نجاح اعماله دون أن يجرؤ على الإفصاح بأنه المؤلف الحقيقى لها
وتساءل الأقدار أن تتجلى الأمور على حقيقتها وينكشف كل
شىء لنحيب الريحانى ويدرك المؤلف الحقيقى المسرحيات الثلاث وللالحان والاستعراضات
فقد.كان.مع بديع خيرى وجورج
شفتش فى فرقة ( نادى التمثيل
المصرى) زميل لهما يدعى(توفيق
ميخائيل) وكان موظفا فى مصلحة الحدود وكان بينه وبين
شفتش ضغاين وأحفاد قديمة !!
وكان توفيق ميخائيل صديقا للريحانى فافتش له السر وذهب
توفيق إلى بديع وقال له إن الريحانى يريده فى مسألة خاصة
وبالطبع كانت.مفاجاة لبديع خيرى حتى أنه لم يصدق فى البداية !! فالريحانى نجم كبير ساطع فى ميدان المسرح .. وبديع خيرى مايزال مؤلف صغير
ويروى بديع خيرى ما دار بينه وبين.الريحانى :-
قال لى الريحانى : أنا فهمت الحكاية .وكنت باشك من الاول
ولكن.للاسف ماكنتش عارف احل.اللغز !! ولو ما كنتش اعرف جورج شفتش كنت صدقت ٠٠ إنما أنا من البداية توقعت أنه يوجد.خيال ظل وراه !!
وأبدى إعجابه بقلمى ٠ واتفقنا وكتبنا العقد ٠٠
ويقول بديع خيرى فى حديث آخر عن لحظة توقيع العقد مع نحيب الريحانى ما يلى :-
( فى البوم الذى تعاقد فيه معى نجيب الريحانى لكى اكتب له مسرحيات فرقته حدث شىء غريب ٠٠ فعندما جاء دورى للتوقيع على العقد مع نجيب الريحانى ضحكت.٠٠ فسالنى نجيب.عنوسبب ضحكى فاشرت
الى تاريخ العقد ..كان التاريخ
١٨ اغسطس ١٩١٨ ولم يفهم الريحانى ولكنى قلت له وأن اضحك أن تاريخ ميلادى هو
١٨ اغسطس ١٨٩٣ .واستبشر الريحانى خيرا بهذه المصادفة
وقال : وعايز فال فى الدنيا لى ولك أحسن من كده ٠٠ وفعلا كان هذا العقد هو تاريخ مولدى الحقيقى ٠٠ تاريخ مولدى المسرحى وتاريخ عمل عظيم وصداقة عظيمة ببنى وبين نجيب الريحانى استمر حتى يوم
وفاته سنة ١٩٤٩ ..
المراجع :-
١) بديع خيرى :-
المؤلف الكاتب/مصطفى محرم
٢) بعض اعداد من مجلتى
( الكواكب / آخر ساعة ) ٠٠
حسنى طلبة
نائب رئيس تحرير جريدة تحيا
مصر حرة
الى اللقاء مع الجزء الثانى :-
مع أشهر مؤلف قصة وحوار للافلام والمسرحيات المصرية من الثلاثينات حتى منتصف
الستينيات ٠٠