تابع الجزء الثانى مع مسرح وسينما ( كشكش بك )
نجيب الريحانى الممثل الاول
للكوميديا المصرية والعربية ٠
بديع خيرى والريحانى
يقول بديع خيرى فى حديث له عن لحظة توقيع العقد مع نجيب الريحانى لكى اكتب له مسرحيات فرقته ٠ حدث شىء غريب ٠٠ فعندما جاء دورى للتوقيع على العقد ضحكت! وسالنى الريحانى عن سبب ضحكى فاشرت الى تاريخ العقد
كان التاريخ ١٨ اغسطس ١٩١٨ ولم يفهم الريحانى ٠ فقلت للريحانى أن تاريخ ميلادى هو
١٨ اغسطس ١٨٩٢ واستبشر الريحانى خيرا وقال : عايز فال فى الدنيا لى ولك أحسن من كده
وكتب بديع خيرى مسرحية
( على كيفك ) واستمر عرضها
شهرين ونصف .وحققت أرباحا
قدرها ثلاثة الآلاف من الجنيهات
وكان الريحانى سعيدا بجهود بديع خيرى فرفع راتبه إلى ثلاثين جنيها ٠ حيث كان راتب بديع ستة عشر جنيها ٠ ثم كتب بديه مسرحية ( كله من ده ) ونجحت أيضا ٠ فاستقال بديع من وظيفته الحكومية وتفرغ لكتابة المسرحية لنحيب الريحانى٠ ثم كتب استعراض
( مصر فى ١٩١٨ – ١٩٢٠) وذلك على ضوء احداث ١٩١٨ وما يتوقع من أحداث عام ١٩٢٠
ويقول بديع بأنه كان من المتبع
فى الالحان أن تتخلل الاستعراضات أن تقاس على القالب الموسيقى للحن شعبى معروف الذى كان شائعا فى ذلك الوقت ( بتعزيز عينى أنا بدر اروح بلدى) الحان سيد درويش
ثم توالت عدد من الاستعراضات
ردا على الاستعراضات التى كان يقدمها ( على الكسار ) فى مسرحه ٠٠ وازدهر مسرح الريحانى وحقق ايرادات ضخمة
ففى كل ليلة كان الطلبة والسياسيين والموظفين وأبناء الطبقات الراقية يقبلون عليه ٠
وقد.حاءوا ليعبروا عن مشاعرهم
الوطنية ويستمتعوا لموسيقى سيد درويش القومية واغانى بديع خيرى الحماسية – وقد بلغت أرباح الريحانى فى العام الأول من تعاقده مع بديع خيرى
٢٨ الف جنيه ٠٠
ويقول بديع خيرى أن المسرح
الكوميدى قد تطور من الأوبريت الى الفارس ٠٠ ولكن حدث شىء
أن الإقبال زاد على مسرح ( يوسف وهبى ) مما كان له من أثر على هبوط لإقبال.على المسارح الأخرى ومنها بالطبع مسرح نحيب الريحانى ٠ وتراكمت بعض الديون على الريحانى وعجز عن الوفاء لدرجة أن وقع (مصطفى حفنى
صاحب المسرح الحجز على مناظر الفرقة وملابسها!!
ورب ضارة نافعة كما يقول
المثل فقد أدى اكتساح يوسف
وهبى بفرقته لجميع الفرق الأخرى ومن بينها فرقة الريحانى
بأنه فى حاجة إلى وقفة حاسمة والتفكير فى تقديم الكوميديا الحقيقية أو الكوميديا الراقية
وهى المسرحية التى تخلو من الغناء أو الاستعراض وتعتمد على المواقف الضاحكة والحوار الكوميدى الساخر والموضوع الاجتماعى الهادف إلى إصلاح الأوضاع الخاطئة فى المجتمع
وكان أن كتب الريحانى مسرحية
( الدنيا ماشية كده ) وهى كما قال عنها الريحانى وبديع تندرج
للكوميديا الراقية ٠٠ ومن عام ١٩٢٥ وحتى بعد وفاة الريحانى استمر بديع خيرى فى تقديعومسرحبات.الكوميديا الراقية والأمثلة كثيرة منها :-
٣٠ يوم.فى السجن ) و( حكم
قراقوش) و( الدنيا على كف عفريت ) و(الا خمسة ) وبعد وفاة الريحانى قدم ( من اين لك.
هذا ) و(على عينك يا تاجر)و
( الرجاله ما يعرفوش يكدبوا)
استطيع أن أقول من وجهة نظرى المتواضعة أن مسرح الريحانى قد ساهم مساهمة كبيرة فى إعطاء الكوميديا الراقية الصورة والأسلوب والشكل وغير ذلك من الابعاد
المسرحية ٠٠
الريحانى ٠٠والعشرة الطيبة
نظر الريحانى حوله : فوجد أن سوق الفن فى غاية من السوء
ووجد أن الكثير من الممثلين يعانون البطالة والفقر ويجلسون على مقاهى عماد الدين !! ووجد زميله عزيز عيد يشكو من البطالة هو أيضا !!ورق الريحانى
أحال زملائه وخاصة عزيز عيد
واقترح الريحانى على عزيز عيد أن يؤلف.فرقة مسرحية تجمع بين أبرز الممثلين فى ذلك الوقت
وان يؤجر لتلك الفرقة مسرحا ٠٠
واقترح الريحانى مسرحية ( اللحية الزرقاء) التى قرأها واعجبته ٠٠ فعهد الريحانى بتمصير الرواية إلى الاديب ( محمد تيمور باشا) أما كتابة الازجال فكانت من نصيب ( بديع خيرى) وقام بلحن الرواية (سيد.
درويش) واختاروا اسما لها :
( العشرة الطيبة) وقد.تالفت الفرقة بقيادة الفنانة روز اليوسف /منسى فهمى/ محمود رضا/مختار عثمان /استيفان روستى والمطرب زكى مراد.والد
الفنانة ليلى مراد والمطربة برلنتى حلمى والسيدة نظلى مزراحى وغيرهم ٠٠
وقد ممثوا يؤدون بروفات
( العشرة الطيبة ) لمدة اربع شهور كاملة ٠٠ وعهد الريحانى بتصميم المناظر الى الاستاذ
( احمد لطفى) الذى كان موظفا فى ذلك الوقت فى مصلحة المساحة و( على حسن ) الذى تخصص فى إيطاليا لهذا العمل
واقتنى الريحانى اكسسوارات هذه المسرحية بنفسه من خان
الخليلى فاختار الملابس الأثرية ذات القيمة !! وجملة ماتكلفه الريحانى بما فيها المرتبات والأجور حوالى ثلاثة الآلاف جنيها. ٠٠ وهو يعد بالملايين فى عصرنا الحالى ٠٠ وهذا نابع لحبه وإخلاصه للفن !!
( العشرة الطيبة ) ممكن أن تؤرخ للمسرح الاستعراضى الفنى
أن يطلق عليها ( الاوبرا كوميك)
ونجحت الأوبريت نجاحا منقطع النظير٠٠
واستغل خصوم الريحانى عرض ( العشرة الطيبة ) واتهموه بأنه بهادى الأتراك على حساب التودد للانجليز !!
لدرجة أنه فى أحد أيام عرض
( العشرة الطيبة ) على مسرح
كازينو (دى بارى) وفى أحد
مقصورات المسرح أحد الخطباء
ممن كانوا يشاهدون المسرحية
وراح يهتف باعلى صوته بسقوط المسرحية ٠وكذلك سقوط الريحانى !!
والحقيقة ربنا تنصف الريحانى
وتصنعه فى مرتبة سامية إذ أن
( العشرة الطيبة ) كانت ثورة على كل قديم ٠ أنها ثورة على مسرح يوسف وهبى ٠ وهى ثورة على الجمهور الذى كان يفضل الكباريه على المسرح !! وخرجوا عن حدود أن يؤدى الممثل الواحد.قطعة تمثيلية صغيرة ٠٠
أو يلقى منولوجات !!
ولكن الريحانى كان سباقا للون المسرحى الذى نراه الآن من أكثر الألوان تكلفة وجهدا ٠٠ فلماذا هتف الحاقدون بسقوط الريحانى ( داعية الإنكليز وربيب نعمتهم ) ولم يكن الريحانى فى واقع الأمر فى تلك الأيام الا هدفا لنقمة الإنجليز وسلطتهم العسكرية فى مصر ٠٠ وكثيرا ما كان يقف بين المتفرجين بعض العقلاء والمستنيرين فيردون على من يطالبون بسقوط الريحانى وينادون بالانتقام منه !
ويحرضون المتفرجين لمقاطعة مسرحه !! واذا بالصوت العاقل
وسط كل هذا الصخب يعلن :
وهو صوت كل من أدرك الحقيقة بحسه الوطنى ٠ ومن خلال مشاهدته ( للعشرة الطيبة ) ٠٠
على الكسار ٠٠٠ والريحانى
وبالقدر الذى احتفى بنجيب الريحانى’ كان قدر الجفاء للفنان الاصيل القانع/على الكسار !!
ولعل الريحانى مدين بالنجاح لعلى الكسار وهذه حقيقة لا ينبغى لنا إهمالها !!
وعلى الكسار أنشأ فرقة مسرحية تحمل اسمه فى نفس توقيت ظهور فرقة الريحانى ‘
ولم تختلف ظروف اى من الفرقتين ‘ سواء من حيث اللجوء للاضحاك أو الاعتماد على الغناء والرقص ‘ والمنافسة بين نجيب والمسار كانت عنيفة وشريفة فى نفس الوقت !! وكانت بينهما حرب بعناوين الروايات التى كانت تعرض فى مسرحيهما فإذا أعلن الريحانى عن مسرحية سبعرضها بعنوان ( راحت عليك )
فيسعى الكسار إلى من يكتب له رواية تدور حول معنى الرد على تلك الكلمة بعنوان ( فشر ) ثم
( حمار وحلاوة للريحانى) و(احنا
اللى فيهم للكسار) وكما كان الريحانى جمهوره ومحبيه ٠ كان للكسار أيضا جمهوره ومحبيه ٠٠
وبشكل خاص جدا بدأ فى عام ١٩١٧ الكسار فى تقليد الريحانى
ثم سرعان ما اعتمد.الكسار على
فخامة الديكور وروعة الرقص والغناء ٠ وخرج الريحانى ذات ليلة ليشاهد.عذا العرض ( احنا اللى فيهم ) وبعد.ان إصابته الغيرة الفنية ٠٠ قرر أن ينتج مسرحية أكثر فخامة واعظم ديكورا وإخراجا فعرض مسرحيته الاستعراضية ( ولو )
وقد أثمرت جهود.التعاون المشترك بين الفنان المتعدد المواهب ( امين صدقى ) مع الريحانى حققت مسرحيته : حماد وحلاوة – ولو على نجاح جماهيرى وكسب نادى هائل لم يكن يتصوره الريحانى ٠٠
أما الفنان العظيم(سيد.درويش
فقد تعاون مع الريحانى فى اوبريت ( العشرة الطيبة ) ٠٠
وكانت فرقة الكسار فرقة تهتم بأنها مصرية لا تجنح فى أعمالها.
إلى ( الفرانكو أراب ) وكان هم الكسار أن يتجه إلى الطبقات الدنيا والى الشعب المكافح الفقير !! وكان يسمح فى مسرحه أن بتبادل ( القفشات ،) القافية
وهى ميزة لم يأخذ الريحاني باسبابها !! وان كان الريحانى قد.قدم ادواره المرتجلة فى بداية عمله بالمسرح !!
واستمر الريحانى بفرقته ٠٠وتوقفت فرقة رمسيس !!
وتوقفت كذلك كل الفرق الأهلية!
وساد.ااكساد فى السوق الفنية فى نهاية الاربعينيات !!
وفى أوائل عام ١٩٥٢ كان على الكسار قد.التحق ممثلا.بدار المسرح الشعبى الذى أنشأته وزارة الشئون الاجتماعية ٠٠
وأصبح الكسار عضوا بهذه الفرقة بعد.ان اضطر إلى تسريح
فرقته !! التى ظلت تعمل معه
لسنوات طويلة !!فاضطر أن يرجع ممثلا فى فرقة لكى بكسب قوت يومه !!
ويقول الفنان الكبير( زكى طليمات ) : كان مسرح ( الماجستيك ) ٠٠ مسرح ٠٠ ولا مسرح !! قطعة من ارض فضاء
مسقفة بالقماش مفروشة بالرمل
وقد رصدت عليها الكراسى ٠٠
وفى آخرها مسرح ٠٠ والجمهور يملؤها كل مساء ليشاهدوا ممثلا خرج فجأة إلى النور ويمثل شخصية ( بربرى ).من أهل الجنوب أطلق عليه ( عثمان عبد
الباسط ) !! وكان ( امين صدقى)
يكتب لهذه الفرقة ٠٠الى أن عم الكساد ٠٠ ورجع المسار ليعمل فى فرقة الدولة ليكسب قوت يومه
شأنه مثل معظم ممثلى الكوميديا فى مصر !!
المراجع :-
١) كشكش بك – نجيب الريحانى
ممثل الكوميديا العربية ٠٠
للكاتب : امين بكير
٢) بديع خيرى :
للكاتب. : مصطفى محرم
٣) مقالات لكل من :-
الدكتور / على الراعى
.الاستاذ/ زكى طليمات
الكاتب / بديع خيرى
والى اللقاء مع الجزء الثالث مع ( كشكش بك – الريحانى الممثل الاول للكوميديا المصرية والعربية ٠٠
حسنى طلبة
نائب رئيس تحرير جريدة تحيا
مصر حرة
