شرير السينما المصرية
اطيب قلب فى الفنانين!!
كتب / حسنى طلبة :
طفولة محمود المليجى
ولد محمود حسين المليجى فى ١٩١٠/١٢/٢٢ فى أحد الأحياء الشعبية من أحياء القاهرة القديمة ٠ هو حى المغربلين ٠فى وقت كانت الحركة الوطنية فى أشدها ٠ فقد.تكن قد.مرت اربع سنوات على حادثة دنشواى ٠ قد أثارت المشاعر الوطنية المصرية وقد كان المليجى منذ طفولته يهوى الموسيقى بتأثير البيت الذى عاش فيه ٠ كان الأب حسين المليجى عاشقا للموسيقى والغناء ٠ وحاول المليجى الصغير تعلم الموسيقى من خلال اصدقاء والده ٠ أو فى المدرسة عندما زارهم المطرب
( محمد عبد الوهاب ) وسمعه المليجى صوته وعزفه ٠ لكن تلك المحاولات انتهت بخيبة أمل !
ثم تعلم المليجى الملاكمة ٠ والنتيجة بالطبع علقة ساخنة !!
لم يكن إذن تخبطا وجوديا من انتقاله من الموسيقى والغناء إلى مرحلة الملاكمة ٠ ولكنه كان يعشق الاشياء لدرجة التقمص ! لدرجة تمثيل الحالة لشعوره
بالتعويض بالنقص على المستوى العام ٠
وكانت السينما فى ذلك الوقت
اعتمدت على الرائدات ( عزيزه امير/فاطمة رشدى/أمينة محمد/
أمينة رزق/فاطمة اليوسف) وهى شخصيات استطاعت أن تقوم بما يقوم به الرجال ٠
وكانت أمينة رزق وخالتها أمينة محمد قد تقدمتا للتمثيل فى سن المراهقة فى حى شعبى هو روض الفرج ٠
وقد تقدم المليجى لتجربة التمثيل فى الفيلم الذى بدأت ( عزيزة امير ) إنتاجه كأول فيلم لشركتها ( ايزيس) وهو فيلمثيرون ( نداء الله ) الذى تحول إلى فيلم ( ليلى ) الشهير فى عام ١٩٢٧
ويبدو أن المليجى اكتشف موهبته التمثيلية بالمصادفة البحتة ٠١فقد.قام بتقليد المدرس فى الفصل ٠ ودخل بالصدفة مدرس اللغة العربية أثناء تقليده له فيقف وراء المليجى مستعار له ٠ ويضحك التلاميذ فيعتقد المليجى أن الضحك بسبب اندماجه فى تقليد صوت مدرس اللغة العربية ٠
واختار دخول مدرسة (الخديوية الثانوية ) لأنها كانت تضم فرقة مسرحية ٠ وعلى خشبة مسرح مدرسة الخديوية الثانوية أصبح رئيسا لفريق المسرح بالمدرسة ٠
وذهب للانضمام لفرقة ( رمسيس) المسرحية للعمل كومبارس ٠
ويذكر أن الممثل الكبير ( عزيز عيد) كان مشرفا على فريق التمثيل بالمدرسة الخديوية ٠ وكان عنيفا مع المليجى ٠ لدرجة أنه نهره فى إحدى المرات وكلب منه أن يبحث عن مهنة أخرى غير التمثيل !!بما جعل المليجى يخرج إلى الحوش باكيا !! فيلحق به أحد زملائه ويخبره أن الاستاذ/عزيز عيد يمتدح موهبته فى غيابه ويضرب به المثل فى الأداء التمثيلى ولكنه يعنفه فى المواجهة لانه يخشى عليه من الغرور والاستسهال ٠ عندئذ أدرك المليجى ان موهبته كبيرة ٠
وأثناء عرض مسرحية ( الذهب ) على خشبة ( مسرح الأزبكية )الذى كانت الفنانة ( فاطمة رشدى ) تستاجره لفرقتها ٠ واجرته للمدرسة لتقدم عليه عرضها ٠ربما كنوع من المشاركة لتنشيط الحركة المسرحية الطلابية ٠التى أخرجت العديد من نجوم التمثيل فى تلك الفترة ٠
وشاهدت ( فاطمة رشدى) العرض بالطبع وظنت أن المليجى ممثل محترف استعانت به المدرسة لكى ينهض بالفرقة ٠ لكنها فوجئت بأنه طالب فعلا فى المدرسة فهناته على دوره وأدائه ووعدته أن يعمل فى فرقتها حالنا ينتهى من المدرسة ٠
حصل المليجى على البكالوريا
عام ١٩٣٠ وسرعان ما انضم إلى فرقة ( فاطمة رشدى) براتب قدره أربعة جنيهات ونصف شهريا ٠ وقدم اول مسرحياته وهى (٦٧٦ زيتون ) الكوميدية من تاليف ( احمد علام ) ١٩٣٠
ونال رضاء الجمهور وفاطمة رشدى ٠ وتوالت اعمال المليجى المسرحية فقدم ( الزوجة العذراء) – ( على بك الكبير) – ( الولادة ) – ( يوليوس قيصر)
وعددا من الأدوار الكوميدية التى كانت مفاجأة للجمهور المسرحى والمليجى نفسه ٠
وأصبح المليجى من الممثلين المفضلين لفاطمة رشدى ٠
وفى أحد الأيام وبينما المليجى فى الكواليس إذ بأحد العمال يستاذنه فى دخول أحد المتفرجين لرؤيته ٠ ورحب المليجى على الفور ٠ واذا بالضيف أبوه ٠ الذى لم يكن يعلم أن ابنه بعمل فى المسرح ٠
وبالطبع كانت هذه من المفارقات التى أتت بعد أن كان المليجى قد عرف ماذا يريد فى الحياة ٠ ولكن خاتمتها كانت عدم عودته لمنزله العائلة مرة أخرى ٠ واقامته لفترة فى غرفة على السطوح فى شارع عماد الدين ٠
وهى البداية لانى بدأ بها الكثيرون والكثيرات من الممثلين و الممثلات فى تلك الفترة ٠
خطوات النضوج الفنى
لمحمود المليجى
لاشك أن المليجى كان بمر بفترة عصيبة منذ ترك منزل العائلة ٠ وأصبح عليه أن يشق طريقه فى الحياة بنفسه ٠
كان العزاء الوحيد له فى تلك الفترة هو اعجاب الجمهور له ٠
ثم طلبته الفنانة فاطمة رشدى صاحبة الفرقة للاشتراك معها فى فيلم ( الزواج ) وهو من
تأليفها واخراحها وبطولتها ٠
ويقول الكاتب ( أحمد الحضرى )
فى كتاب تاريخ السينما المصرية
الجزء الثانى – فيلم الزواج اول فيلم تؤلفه وتخرجه أمراءة مصرية بحق ولا ادعاء أو دعاية أو تزييف تاريخ ومحد ٠
الفيلم تكلف حوالى سبعة آلاف جنيه ٠ وهو مبلغ هائل لتقديرات ذلك الزمن عام ١٩٣٣ وتم تصوير أج¡زاء منه فى باريس واجزاء اكبر فى أسبانيا ٠ وقام فيه المليجى بدور أحمد ٠
وللاسف لم يلق الفيلم النجاح الذى يغطى تكاليفه !ولم تكن فاطمة رشدى موفقة فى أشياء
كثيرة منها اختيار بطل الفيلم (عزت) فى الفيلم الذى دوره الممثل ( على رشدى) الذى لم يلقى قبولا من الجمهور والنقاد٠
بجانب أن الفيلم كان خليطا بين السينما الصامتة والسينما الناطقة ٠ وهو ما اعترضه بعض النقاد ٠ وأثر على الإقبال الجماهيرى للفيلم ٠
كان دور المليجى قصيرا ٠ ولم تكن المساحات التمثيلية لديه
كبيرة ٠كما أنه أول ادواره السينمائية ٠ وكان صغيرا وقتها عنه ٢٢ عاما ٠
ولكن حدثة المصيبة الكبرى لتعرض فاطمة رشدى بضائقة مالية نظرا لمغامراتها السينمائية غير المحسوبة وبسبب الخلاف مع عزيز عيد بطل الفرقة ٠ وفى النهاية تم حل الفرقة ٠٠ ووجد المليجى نفسه فى الشارع ٠بلا عائل أو عائلة أو عمل !!
كانت فرقة ( رمسيس) لمديرها وصاحبها وبطلها(يوسف وهبى)هى الملجا للفنانين الذين لا يجدون عملا٠ كمحطة فى الطريق يستريحون فيها ٠ ويتزودون ببعض الخبرات والتقاليد المسرحية التى كان يحرص عليها (يوسف وهبى)
والتى صارت سمة من سمات المسرح المصرى بفضله ٠ومنها
الالتزام بالمواعيد؛ والحضور؛واسلوب الأداء وغيرها ٠٠
عمل المليجى فى فرقة رمسيس ملقنا فى البداية بمرتب شهرى قدره ( تسعة جنيهات ) مما جعله امنا على لقمة العيش
والسكن ٠
لكن طموحه الفنى كان يستعجله ليترك مكانه كملقن ويصعد على خشبة المسرح للتمثيل ٠ ليقف بينهم يؤدى رسالته التى يشعر أنه قادر عليها
وباامثابرة والإلحاح اقتنع يوسف وهبى ان يعطيه بعض الأدوار الثانوية فى المسرحيات التى كانت الفرقة تؤديها ٠ وخاصة فى الرحلات الخارجية ٠ التى لم يكن معظم أفراد الفرقة يستطيعون السفر فيها وبالذات تلك التى تستغرق فترات.طويلة نسبيا ٠
كان المليجى يبحث عن فرص
له لكى يقدم نفسه للوسط الفنى وما أن سمع أن شركة مصر للتمثيل والسينما تنوى تقديم اول افلامها من بطولة المطربة الكبيرة ( ام كلثوم ) حتى تقدم ليشارك فى العمل وقدم بالفعل دورا صغيرا فى فيلم (وداد)١٩٣٥
وفى عام ١٩٣٧ قدم دورا صغيرا فى فيلم ( الحب المورستانى)
وكان الفيلم من انتاج شركة ناصيبيان وإخراج( ماريو فولبى)
وبطولة أمينة محمد/بشارة واكيم / عبد العزيز أحمد ٠
ثم فى عام ١٩٣٨ شارك بدور صغير فى فيلم (ساعة التنفيذ) من انتاج وإخراج وبطولة يوسف وهبى وشاركته البطولة أمينة رزق بكلة فرقة رمسيس فى ذلك الوقت ٠
وفى أواخر عام ١٩٣٨ كانت الفرقة فى رأس البر تقدم إحدى مسرحياتها ٠ لكن الأجواء الممطرة لم تمكن الفرقة من الاستمرار بما تسبب فى أزمة مالية حادة ٠ انعكست على كل الفنانين فى الفرقة ٠ وتلقى المليجى تلغراف بخبر وفاة والدته وكان المليجى متعلقا بها بشدة ٠
ولا شك أن والده قد رحل قبلها مثل كثير من التجار الذين يعيشون فى بحبوحة ٠ ولا يكترثون بالزمن والمفاجات ٠
لابد أنه لم يترك مالا للأم التي كانت تعيش فى أواخر حياتها
على الكفاف !!
مساعدة الفنانة علوية جميل
ثم الزواج منه مدى الحياة !
كان المليجى حزينا جدا لانه ابنها الوحيد والتى(بعلوية جميل
التى كانت تعمل معه فى المسرحية التى كانت تؤديها الفرقة ٠ وحكى لها قصته واشتكى لها أنه لا يملك ثمن تذكرة السفر للقاهرة ٠ شعرت
علوية بالأزمة الإنسانية.التى
يعانى منها.المليحى٠ وعادت
بعد ساعة لتغطيه مبلغا من المال
يعد كبيرا وهو ثمن قطعة من الحلى باعتها فى البلدة ليقوم
بواجبه كابن تجاه أمه فى تلك اللحظة العسيرة ٠
كان خروج امراءة من حياته هى أمه ٠ هو بداية دخول امراءة أخرى هى الزوجة ( الفنانة علوية جميل ) التى ظلت معه العمر كله
رغم أنه تزوج غيرها مما سيأتى ذكره فى الأجزاء التالية ٠ تالق المليجى سينمائيا ومسرحيا
انضم المليجى بعد حل فرقة رمسيس الى فرقة ( اتحاد الممثلين ) التى أسستها الدولة وأشرف عليها ( الشاعر اللبنانى خليل مطران) الذى كان يقيم فى مصر بصفة دائمة ومعها قدم عدة
مسرحيات منها (حماتى كابور خامس/عريس فى علبة /شارع
البهلوان وغيرها )٠
وفى عام ١٩٣٩ كسر المليجى حاجز الدور الصغير فى الافلام السينمائية وأصبح اسمع على الافيشات فى فيلمين هما :-
( ليلة ممطرة) من انتاج شركة الافلام المصرية لصاحبها ومخرج الفيلم ( توجو مزراحى) ثم قدم دورا أكبر نسبيا فى فيلم ( قيس
وليلى)؛من انتاج كومندو فيلم وإخراج ( ابراهيم لاما ) ومثل فيه دور شرير الذى التصق به
فى معظم أفلامه السينمائية فيما بعد وتألق فيها ٠
المليجى منتجا وبطلا لافلامه
المليجى فى بداية الخمسينيات أسس شركة فنية سينمائية تحت اسم ( النجم الفضى) قدمت عددا من الأفلام التى عبرت عن رؤاه الفنية كمنتح من أهمها :-
( الام القاتلة ١٩٥٢) – ( نخن بشر١٩٥٥) – ( سجين ابو زعبل ٥٧
( المبروك ١٩٥٩م ) – ( سوق السلاح ١٩٦٠) – ( ابو الليل ١٩٦٠)
( الرعب ١٩٦٩)-(مدينة الصمت ٧٣) ولم يهتم المليجى بتحقيق التوازن بين طبيعة ادواره وبين البعد الانسانى لشخصياته فنجد أن أغلب الأدوار التى قام ببطولتها كان يقوم بدور ( شرير) ويبدع فيه ٠وكان يسخر فى جلساته الخاصة من أنه كان يدفع
المال من جيبه لمى يضربه الآخرون فى إشارة لبعض الافلام
التى أنتجها وشارك فيها الفنان(فريد شوقى) والتى كان
المليجى يجسد فيها دور الشرير
الذى ينال عقابه فى النهاية بعلقة ساخنة ٠ قبل أن تقبض عليه الشرطة أو يموت !!
وعندما تم سؤال المخرج الكبير
( يوسف شاهين) من اعظم ممثلى السينما المصرية اجاب على الفور: محمود المليجى ٠
وأصر على أن يقوم ببطولة فيلم
( الارض ) رغم اعتراض العديد من النقاد ٠ لينال عنه جائزة الدولة التقديرية كأحسن ممثل ٠
والحقيقة أن المليجى لم يكن شريرا على الشاشة بنسبة مائة فى المائة فقد كانت هناك مغامرات سينمائية لبعض المخرجين ٠حاولت أن تعيد اكتشاف المليجى ٠ أو كانت تعرف الجانب الطيب من شخصيته الحقيقية وامثال تلك الأفلام ( أيام وليالي ١٩٥٥) من اخراج بركات – ( رحمة من السماء ١٩٥٨) من إخراج عباس كامل – ( حكاية حب ١٩٥٩) اخراج حلمى حليم – ( الحب الضائع ١٩٧٠) من إخراج بركات –
( الدموع الساخنة ١٩٧٦) من اخراج يحيى العلمى وغيرها ٠
الا ان هذه الأفلام لم تنجح فى تغير علاقة ( المليجى بالجمهور والنقاد ) فقد كانت نغمة رقيقة على شخصية المليجى السينمائية المألوفة ٠وكانها لحظات سينمائية خاصة يرتاح فيها المليجى من تقديم الشر – لا أكثر ولا أقل –
تعدد زواج المليجى لكن تظل علوية جميل هى زوجته الدائمة
الجانب الساخر فى حياته هو الذى دفعه للزواج من الفنانة ( سناء يونس ) المعروفة بطيبة قلبها ٠ فقد تقابلا سويا فى مسلسل ( ظلال السنين ) وتزوجا أثناء تصوير مسرحية ( عيب ياانسة ) على مسرح سيد درويش عام ١٩٧٤ وهى زبجة استمرت حتى وفاته ٠ وبعلم زوجته الدائمة ( علوية جميل ) ٠
وكان سبق المليجى ان تزوج
مرتين واحدة منها فى أواخر الخمسينيات بعد مرض زوجته علوية جميل بمرض القلب ٠ بحيث لم تعد تبذل مجهود كبير فى حياتها فتزوج من ممثلة شابة بالفرقة ٠ هى والدة ممثلة معتزلة ٠ لكن علوية جميل لم تقتنع بهذه الزيجة وأرسلت إلى
اسماعيل ياسين التى كانت الممثلة تعمل بفرقته المسرحية مع المليجى ٠ وأصرت أن يطردها
من الفرقة ٠ وهو ما حدث بعد أن طلقها المليجى بالطبع ٠
وكان المليجى يقدر لعلوية جميل أنها وقفت بجانبه فى بداية حياته ٠ عندما كان يشق
طريقه غير واثق من النتيجة التى ستفضى إليها محاولاته٠
بجانب أنه كان يقدر أنها غريبة عن مصر٠ فقد كانت لبنانية المولد ٠ واسمها الحقيقى (اليصابات خليل مجدلانى) هاجرت إلى مصر وهى شابة ٠
بعد أن تزوجت فى لبنان ٠وانحبت من زواجها ابنة واحدة٠
وقيل اثنتين ٠ لكنهما لم تعيشا طويلا ٠ ولم تنجب للمليجى أطفالا ٠
أنا الزيجة الأخرى فهى من الفنانة ( فوزية الأنصارى ) وكانا يعملان معاً فى أحد عروض فرقة
( اسماعيل ياسين ) ففى عام ١٩٦٣ وهى الزيجة التى علمت بها
علوية جميل ٠ واقامت الدنيا ولم تقعدها حتى طلقها المليجى بعد ثلاثة أيام فقط من زواجه منها !!
المراجع :-
١) وجوه سينمائية خالدة ٠ للكاتب/د٠أحمد شوقى ع الفتاح
٢). تاريخ السينما المصرية
للكاتب / أحمد الحضرى ٠
والى اللقاء مع الجزء الثانى مع
شرير السينما المصرية
اطيب قلب فى الفنانين
حسنى طلبة
نائب رئيس تحرير جريدة تحيا
مصر حرة