بعدما نفدت بطارية هاتفي النقال في معايدة الأهل والأبناء والأصدقاء كافة،
دعوتهم جميعا -بلا استثناء- لفطور رمضاني مذهلٍ!
انطلقتُ منشغلة بإعدادِ مائدةٍ فخمة!!
أرصّ هنا
كُراتٍ وردية من لحم العاشقين
مغموسة بصوص الدمعات!
هناك
مخبوزاتٌ شهيّة
من لفائفِ الوشايات والفتن،
مرشوش وجهها المحمّص بالسكّر البودرة!
هذا
حساءٌ ساخنٌ بنكهة الخيانات،
يغطي وجهه طبقة مبررات لزجة!
في المنتصف
طاجن من ابتسامات تشطر القلب،
لأولاد منعهم والدهم من مصافحتي إرضاء لزوجته الغيور..!
على الأطراف
سلطات كثيرة من خضروات عائلية ذابلة
غير أن “الصوص” جعلها مقبلات لابأس بها..
رائحة شواء مذهلة
لشرائح دسمة من المقاطع السردية والشعبية وأحيانا من القصائد الخليلية
_حتى لا يغضب حراس الشّعر_
هناك واحدة بيضاء
تحكي عن قلب ولدي .
حمراء قانية
تفضح قصص حب فاشلة.
صفراء فاقع لونها
تشي بصفقات الغيرة والغدر.
بنّية أيضا
وهى التي احترقت على مزيد من نيران الوحدة.
وردات بنفسجية للتزيين
لا تشير لغير الشجن !!
محاشي
ملفوفة بعناية وألفة
تشبه أصابع الست “زينب”.
على الجانب
صنيّة الحلويات
مألوفة جدا
رغم أنها مغموسة ف الحمرة.
قطع مكعبة
منتظمة الشكل من قلوب الساكنين الساكتين،
مصبوغة بدم اثنين أو أكثر من دماء شهداء الحياة…
جراحات وطعنات تليق بدرجة الامتياز مع مرتبة الحياة الدنيا!
بينما أحاول إتقان ترتيب السفرة
..ضرب المدفع، ورُفع الأذان
آآخ..?
لم أنتبه لاعتذارات الجميع
ورفضهم المنمّق -عبر sms باكية- لدعوتي
-على فطور رمضاني لعام يبدأ بتفريق دم المصريين بين القبائل-
إلا حينما وجدت نفسي
شاعرة وحيدة على مائدةِ الإفطار!
أتقلّبُ بين قنواتِ التليفزيون المصري
على مهرجانات مسلسلات رمضان
وشيوخ يقسّمون سُنّة الحبيب!
يوزعون الجنّة والنّار_ بمنتهى الثقة_
على جماهير صفحات التواصل الاجتماعي
الذين ازدحمت بهم رقعة هاتفي.
يُفرّقون التهاني بقدوم شهر الخير والبركة تارة
ويوجهون التعازي
والاستفسارات تارة أخرى
يشغلهم كثيرا
مدى جواز لفظة “شهداء” على قتلى الأقباط !
هذا..
ولم تصدمني قصيدة أحدهم العارية التي واجهتني ببجاحة وهى تمنح نفسها في نهار رمضان وليله لذئاب الكتابة!
انتبهت فقط لِيَد تطمئن لأزرار “الريموت كونترول”
عندما استوقفت أصابعي
برنامجا تلفزيونيا تافها
لممثل هابط
عن مقالب الكاميرا الخفيّة..!
أتابع نمو الضحكات على شفتي
وأنا ألتهم أطباق مائدتي
بشهية ذئبة تفترس ضحاياها
دون مبالاة.
ملحوظة:
لم يستوقفني مرور الشريط الأسود الذي نبت أسفل شاشتي الباسمة، لينقل خبرا
عن أجنحة نورانية، نبتت فجأة،
وحملت جثامين أطفال الأقباط “………..” إلى مثواهم بين يدي الله !
لم أنتبه إلا ..
وأنا أقضم إصبعا يشير نحو الدولة القاتلة،
كى أنجو ببقية أعضائي، بينما يتابع الضحكُ نُموّه،
غير مُلتفت لدمعة حمراء سقطت في الحساء?
-هبة