البدايه…
٨ مارس ٢٠٠٩
لابد وأن اتذكر هذا اليوم.. يومان فى حياتك لابد وأن تتذكرهم..
يوم ميلادك..ويوم موتك.اما ما بينهما فتفاصيل لا تعنى شيئا.
عندما اقتربت منى العجوز فى هذا اليوم المشئؤم لم اتفائل خيرا ..لا احب العجائز ولا اعرف ما فائدتهم فى هذا العالم…عدا ابي وامى ربما ..وقد رحلا منذ سنوات…عبقرى من اخترع سن الستين لبلوغ المعاش..فاته شئ واحد …وهو إطلاق النار عليهم لعدم الجدوى..وان تحقق ذلك سيكون امامى عشرين عاما كامله لأتجهز للاستقرار فى الجحيم.
كنت ف مكتبي بصحبه سيده جميله واتصل بيننا حبل الود و كدت احصل على ميعاد معها حتى ظهرت العجوز اللعينه فقطعت كل الأحبال.
سألتنى السؤال الذى اكرهه:
–حضرتك مدير المكتب؟
اه…هذا السؤال دائما ما يحمل ورائه مصيبه.
كنت مديرا لمكتب البريد هذا منذ ثلاث سنوات…اعتدت على شكاوى الناس وبرعت فى حل المعضلات…لكننى لم احب هذا العمل قط..
ذهبت الجميله فور سؤال العجوز…فشعرت بأختناق…اللعنه على العجائز…وعلى المكتب..وعلى مدير المكتب…وعلى كل الأسئله المفخخه.
اجبت بتأفف:
-ايوه يا حجه..انا المدير.
جلست دون دعوى مكان الجميله التى رحلت..فعقد ذهنى فورا مقارنات بين حالى منذ دقيقه وحالى الآن..وتخليت الجميله بعد مرور سنوات..بالتأكيد ستشبه هذه المرأه ..وربما أقبح..فهان على ذهابها.
بنفاذ صبر سألتها:
-خير؟ ..تحت امرك.
بأنفاس متقطعه حكت قصتها التى غيرت حياتى :
-يا بنى انا من سنه تقريبا جيت هنا. فى رمضان..قبل اجازه العيد بيوم..كان يوم زحمه ومحدش طايق حد…وكان معايا خمسين الف جنيه…محوشاهم لخرجتى والمدفن…وقلت اجى اشيلهم ف حسابي ..استنيت كتير …لحد ما جه جدع ابن حلال..موظف معاكم ولابس نفس الزى بتاعكم…قالي انى ست كبيره وميصحش استنى..اخد منى الفلوس..وبعد دقايق جابلي الورقه دى وقالي كده خلاص المبلغ ف حسابك..روحت…ومن يومين احتجت فلوس وكمان حسيت أن اخرتى قربت…جيت النهارده ..الموظفه اللى على الشباك قالتلي أن الحساب فاضي..ولما اديتلها الورقه إللى معايا قالتلي روحى للمدير.
أثارت فضولى تدريجيا وهى تحكي وشككت فى قواها العقليه حتى ناولتى الورقه فارتعبت ..
الورقه تشبه ما نستخدمه هنا ولكن الختم الذى يذيلها؟
أنه ختمى…لا مجال للشك..
كيف حدث هذا ؟..فالختم لا يغادر درج مكتبي…وبنهايه اليوم اغلق عليه خزانتى فكيف انطبع على تلك الورقه؟
ادركت فى دوامه افكارى ان الفاعل لابد وأن يكون أحد الموظفين..فلا أحد يستطيع الوصول إلى خاتمى غفله الا من داخل المكان.
المرأه تقول إنه رجل..فأستبعدت فورا الخمس زميلات..أنه واحد من الثلاثه رجال..
صفوت..سمير..وعبد الرحيم.
سألتها بتعاطف مصطنع:
-طب وحضرتك مش فاكره شكله؟
أجابت:
-يا بنى انا ست عديت السبعين والذاكره يعنى مش ولا بد.. ونظرى ضعيف ده انا شايفه بالعافيه..انا كنت عامله نضاره واتكسرت وحتى كنت ناويه لما اسحب النهارده اعمل واحده جديده…بس متهيألى لو دققت ف وشه حعرفه.
اردت استعاده تركيزى فطلبت من العجوز أن تنتظرني خارج مكتبي حتى أنظر فى الأمر.
خرجت..فطلبت قهوه.. واشعلت سجائر لا اعرف عددها.
واخدت احسب الحسابات..لابد من بحث الأمر فى أضيق الحدود..هذا لغم لو انفجر سيدمرنى اولا…
الاتهام سيوجه لى لا محاله فأنا صاحب الخاتم..وحتى لو ثبت أن ٱخر هو من فعلها فهذا لن يعفينى من المسؤليه..فكرت فى تمزيق الورقه ولكن شهاده العجوز والموظفه التى رأتها ستثبت على التهمه…لو كنت أملك المبلغ لاطمئن قلبي ولكننى لا امتلك حتى نصفه.
احد الاوغاد الثلاثه فعلها
ولكن من منهم؟
ابتلعتنى دوامه الأفكار السوداء حتى كدت اغيب فى أحد النوبات التى يتعطل فيها الزمن ولا أعرف أن كنت مستيقظا ام فى حلم…تردد نعيق غربان فى اذنى
وا نهمرت الاسئله المخيفه على رأسى كجمرات نار..
بلا اجابه.
يتبع…
عدد المشاهدات : 66
مرتبط
زر الذهاب إلى الأعلى