قاهرة المعز لدين الله الفاطمي، أو كما أطلق عليها القاهرة الفاطمية، التي أسسها القائد جوهر الصقلي عام 358هـ، لتكون عاصمة الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، وعاصمة دولة الفاطميين، ويحيط بالقاهرة الفاطمية عدة أسوار عالية، منها سور “جوهر الصقلي”، وسور “بدر الدين الجمالي”، وسور “بهاء الدين قراقوش”.
كما لها أيضا عدة أبواب للدخول أشهرها، باب الفتوح، وهو قريب من رأس حارة بين السيارج، فلما جدد بدر الجمالي سور القاهرة، أنشأ بابي النصر، والفتوح في موضعيهما الحاليين وربطهما بسور يوصل بينهما بطرق وسراديب على ظهر السور وفي جوفه، وهذا الباب يتكون من برجين مستديرين يتوسطهما المدخل. وفي جانبي البرجين طاقتان كبيرتان تدور حول فتحتيهما حلية مكونة أسطوانات صغيرة.
أهم الأبواب التي تحيط بالقاهرة الفاطمية
“باب النصر” من أحد أهم الأبواب التي شيدها القائد العسكري الفاطمي جوهر الصقلي، وقد أطلق الوزير بدر الجمالي عليه لاحقاً اسم باب العز، ويقع في الضلع الشمالي لسور القاهرة عند تقاطع شارع بين السيارج من الجهة القبلية بشارع المعز على بعد نحو 20 متراً إلى شمال وكالة قوصون.
“باب زويلة” أو “باب المتولي”
ويطلق عليه باب المتولي أي متولي تحصيل ضريبة الدخولية إلى القاهرة، ويقع بالضلع الجنوبي لسور القاهرة وسمي زويلة نسبة إلى قبيلة من البربر بشمال أفريقيا انضم جنودها إلى جيش جوهر عند فتح مصر وكان الباب الأصلي الذي بناه جوهر عبارة عن بابان متلاصقان يقعا عند مسجد ابن البناء الذي يعرف اليوم باسم زاوية العقادين بجوار سبيل العقادين بشارع المعز وقد أزيل الباب الأصلي وبنى بدر الدين الجمالي بدلهما باب زويلة القائم حالياً.
“شارع المعز” متحف مفتوح
يقع شارع المعز لدين الله الفاطمي داخل الأسوار القريب من “مسجد الحسين” وهو أحد أهم الشوارع التاريخية بالقاهرة، لما يضمه من مواقع آثرية إسلامية هامة بين العهدين الفاطمى والمملوكى، وبه عدد من ﺍﻷﺳﺒﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻘﺼﻮﺭ، ﻭﻭﻛﺎﻟﺘﻴﻦ، ﻭﺛﻼﺙ ﺯﻭﺍﻳﺎ، ﻭﺑﻮﺍﺑﺘﻴﻦ، ﻭﺣﻤﺎﻣﻴﻦ ﻭﻭﻗﻔﺎً ﺃﺛﺮﻳﺎً.
وللدخول لشارع المعز عن طريق أحد ابوابها من الجهة الشمالية، ومن الجهة الجنوبية يبدأ المعز من حي الحسين وخان الخليجي وحارة اليهود، والموسكي وهو سوق شهير للملابس والأقمشة والحلي، ويبدأ شارع المعز بالصاغة وهي محلات للذهب والحلي.
المساجد الأثرية والزواية والمدارس
يضم الشارع ﻋﺪﺩًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ أشهرها ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ بأمر الله، وﺟﺎﻣﻊ ﺍﻷﻗﻤﺮ، وﻣﺴﺠﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﻼﻭﻭﻥ، وﻣﺴﺠﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﺮﻗﻮق، وﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻤﺆﻳﺪ.
كما يقع في شارع المعز العديد من الأماكن الأثرية من بيوت واسبلة ومدارس وتكيات أهمها، بيت السحيمي، ﺳﺒﻴﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ، وﻣﺪﺭﺳﺔ ﻭ”ﺑﻴﻤﺎﺭﺳﺘﺎﻥ”، وهي أول مستشفى للعلاج النفسي وتم تحريف الأسم ليصبح مورستان، والتي أصبحت ترمز الكلمة للمرض النفسي.
ﻭستجد مجموعة قلاوون، فيها ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻗﻼﻭﻭﻥ، وﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﺒﺮﺱ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﺪﺍﺭﻯ، وﺳﺒﻴﻞ ﻭﻛﺘﺎﺏ ﺧﺴﺮﻭ ﺑﺎﺷﺎ، وﻣﺪﺭﺳﺔ ﻭﻗﺒﺔ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﻮﺏ.
أيضا ستجد مجموعة الغوري، وفيها ﺳﺒﻴﻞ ﻭﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻄﻬﺮ، ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻷﺷﺮﻓﻴﺔ، ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻭﻣﻨﺰﻝ، ﻭﻣﻘﻌﺪ ﻭﻗﺒﺔ ﻭﺳﺒﻴﻞ ﻭﻛﺘﺎﺏ ﻗﺎﻧﺼﻮﺓ ﺍﻟﻐﻮﺭﻯ.
“بيت السحيمي” الأثري
“بيت السحيمي” أو بيت الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي، وعرف المنزل باسم بيت السحيمي نسبة إلى آخر من سكنه، وهو الشيخ محمد أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالجامع الأزهر.
وهو عبارة عن بيت عربي ذو معمار شرقي متميز، البيت له طابع العمارة العثمانية التي كانت تخصص الطابق الأرضي للرجال ويسمى السلاملك والطابق العلوي للنساء ويسمى الحرملك.
فكان الطابق الأرضي من البيت كله لاستقبال الضيوف من الرجال وليس فيه أي غرف أو قاعات أخرى. ويقع في حارة الدرب الأصفر المتفرعة من شارع المعز لدين الله الفاطمي.
يتكون البيت من قسمين أحدهما قبلي والآخر بحري، أنشأ القسم القبلي الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي سنة 1058هـ. وقد دون هذا التاريخ على طراز خشبي على أحد جدران البيت، أما القسم البحري فقد أنشأه الحاج إسماعيل بن إسماعيل شلبي سنة 1211هـ/1797م وادمجه في القسم الأول وجعل منهما بيتاً واحداً.
سوق “خان الخليلي”
اما سوق “خان الخليلي” الشهير، هو أحد أعرق أسواق الشرق، يزيد عمره على 600 عام، وما زال معماره الأصيل باقياً على حاله منذ عصر المماليك وحتى الآن.
هاجر لهذا السوق عدد كبير من تجار مدينة الخليل الفلسطينية، وتوجد به حتى الآن جالية من أهل الخليل تسكن به وتعمل بالتجارة واليهم ينسب خان الخليلي بالقاهرة وقد سمي بهذا الاسم نسبة لمؤسسه وهو أحد الأمراء المماليك وكان يدعى جركس الخليلي، وهو من مدينة الخليل.
ويتميز خان الخليلي بوجود عدد كبير من البازارات والمحلات والمطاعم،
كما يوجد عدة مقاهي تاريخية تتصدر المنطقة، أهمها قهوة الفيشاوي، وتعبر من أقدم القهاوي ويرجع تاريخ تأسيسه عام 1769م.
وتتميز المقاهي بالمشربيات المطلة على الشارع أو الحارة، وأسبلة جميلة مشغولة واجهاتها بالنحاس وفيها أحواض الماء التي كانت تروي العطشان وعابر السبيل في الزمن الذي كان.
ويحتاج زائر الحي إلى عبقرية أو حساسية خاصة في المرور داخل الأزقة الضيقة وسط زحام أسطوري من البشر والمقاعد الخشبية التي رصها أصحاب المقاهي لجذب الرواد ومن التحف والانتيكات والتبلوهات القديمة، والآلات الموسيقية القديمة.
كما توجد عدد من المقاهي الأخرى أنشأت حديثا، مثل مقهى وادي النيل والمعروفة باسم مقهى بأم كلثوم، نظرا لوجود مجسم لسيدة الغناء العربي “أم كلثوم” في مدخل المقهى ومجسم أخر للفنان “عبد الحليم حافظ” وعدد كبير من صور الفنانين والمطربين العرب وتابلوهات أثرية وتحف قديمة وصور فنانين عالمين أيضاً.
“الصاغة ” أقدم أسواق الذهب
يعتبر سوق الصاغة مركزًا لصناعة المصوغات الذهبية، وصناعة الموضة، وهو من أقدم أسواق الذهب في العالم. يمتد من بداية شارع المعز جنوباً، وحتى حارة اليهود وخان أبو طاقية شمالاً.
عروض المجوهرات لا تقتصر على واجهات مليئة بالقطع الفنية، بل هناك عالم آخر خفي يتشكل من مجموعة كبيرة من الورش التي تعمل يومياً.
هناك ورش تسمى “ششن” وهي المعنية بالكشف عن عيارات الذهب، وورش “الجلخ” المعنية بتلميع الذهب وتخليصه من شوائب المعادن الأخرى، وورش أخرى لتشكيل القطع الذهبية وعمل السبائك، وورش للنقش.
الربع الثقافى فى قلب القاهرة الفاطمية
الربع هو أحد البيوت الأثرية في حارة من حارات شارع المعز، فهو مركزا ثقافيا تقام فيه العديد من الأنشط الثقافية المختلفة من تقديم عروض فنية غنائية وإنشاد ديني، وورش للأعمال الفنية، ومعارض للرسوم والفن التشكيلي والأعمال اليدوية.
ويرجع اختيار أسم الربع تراثى باقتدار، وهو يتماشى مع فكرة التجمع الموجودة حول المكان وفكرة الأثرية، ويتميز بعبق ورائحة مختلفة وهذا يضفي على المكان طعم مختلف.
فالربع عبارة عن ساحة متوسطة لكنها كافية لعمل حدث وبه مسرح صغير، يتكون الربع من دورين، الدور الأول فيه يتم فيه عمل الحفلات، أما الدور الثاني به قاعة لعمل الورش الفنية والتثقيفية.
مركز “بيت الشاعر”
أما مؤسسة “بيت الشاعر” الموجودة أيضاً في شارع المعز، والتي أسسها الإعلامى جمال الشاعر، كمؤسسة ثقافية، لتصبح مركزا ثقافيا متكاملا، في أحد البيوت الأثرية التي تطل على مسجد السلطان قلاوون، ويحيط به «بيت القاضي»، حيث ولد الأديب الكبير نجيب محفوظ.
ويعتبر بيت الشاعر أحد أهم المراكز الثقافية البارزة، ليس على مستوى مصر فحسب، بل ربما على المستويين العربي والعالمي أيضا، نظرا لأنشطته المتعددة وموقعة المتميز، وخصوصا أنه يمثل تراثا حقيقيا تشعر فيه بأجواء الحارة المصرية القديمة.
ستجد في شارع المعز كل تاريخ القاهرة الفاطمية، فهو عبارة عن متحفا ضخما متمثلا في بيوت أثرية ومراكز وجوامع وأسبله وأسواق قديمة وحديثة، وستشم فيه عبق التاريخ والأصالة وأيضا المعاصرة، وتتمتع بالعروض الفنية والثقافية التي تقام فيه.
ومن أعظم الفاعليات الفنية التي تقام سنويا في شارع المعز تحت رعاية وزارة الثقافة، “مهرجان الطبول” والذي يشارك فيه العديد من دول العالم، لتقديم الفنون التي تمتاز به كل دولة بأزيائها ورقاصتها الشعبية المختلفة.