728x90
728x90
previous arrow
next arrow
رياضةمقالات

عميد دكتور عمرو ناصف يكتب: الأخلاق .. فى الأصل رياضية ..

728x90
728x90
previous arrow
next arrow

.. (خلى روحك رياضية) ..:
هكذا دوماً ، وفى كل بقاع الأرض ، وعلى إختلاف كل الأوساط الإجتماعية ، وبين كل المستويات الإقتصادية والمعيشية كانت تُحَل المشكلات ، وتوضع نهاية المشاحنات والخلافات ، إذا ما تأزمت النفوس ، أو إنفلتت الأخلاق ، أو ألقى الحقد أو الغل بظله على أى مشاركة أو منافسة أو حتى نزاع ما أودى بالطرفين إلى قاع الشجار .
.. كانت الأخلاق الرياضية دوماً مضرب المثل فى حسن الخلق والإيثار ، والتسامح وقبول الحل ، وتقبل الهزيمة ، وحتى وإن كان الوسطاء فى حل النزاع أنفسهم لايتمتعون بها إلا أنك تجدهم يستحضرونها قولاً وفعلاً فى معترك الخلاف آملين فى تهدئة الأوضاع ، جانحين إلى الحلول ، مدركين أنهم أنفسهم إذا ما وقفوا يوماً نفس الموقف أو كانوا بين ظهرانى المشكلات سينالهم نفس القسط من إصلاح ذات البين من قِبل أناسٍ آخرين تربوا – مثل كل المصريين – على الأخلاق الرياضية .
.. وهكذا سارت الأمور فى سلام ، وتحركت مواكب الحياة فى هدوء منذ أن تصافح أول متنافِسَيّن عرفهم التاريخ حين إنتهت جولاتهم بمنتصر ومهزوم ، فأطلق المهزوم إبتسامة دافئة أنست المنتصر فرحة نصره وطفقا يتصافحان فى ود ومباركات ، ففغر العالم من حينها فمه تعجباً من مثل ذلك السلوك ، وعلت الإبتسامات فوق الوجوه على مر العصور شاهدين للمنتصر بالإستحقاق وللمهزوم ( بالروح الرياضية) .

.. ثم أما بعد ..

.. فليس ما كان قبل مثلما جاء بعد ، فلقد غفونا قليلاً ثم إنتبهنا فإذا الحال قد تبدل ، والمآل قد تحول ، وما كان مضرباً للجمال منذ زمان سحيق قد أصبح اليوم ذكرى يتناقلها الناس ، تماماً كما نتناقلها الآن فى مقالنا هذا ، وعلينا أن نقر ونعترف أن ما آلت إليه الرياضة فى مصر بشكل خاص و الأخلاق الرياضية على وجه العموم لم يكن وليد اليوم ، وإنما هى تراكمات على مر أزمان من التغييب والتهميش والإمتهان ، تماماً كما لم تكن الرياضة وأخلاقها فى منآى عما مرت به مصر خلال العشر سنوات الأخيرة ، بعدما إنفجر ينبوع الحرية من قلب مصر ولكنه بدلاً من أن يخرج الغالى والنفيس من المكنون ، أخرج لنا أسوأ ما فينا من الأقوال والأفعال والظنون ،.. وبات أمرنا لا يخفى على أحد فى الداخل أو الخارج على حد سواء ، وتولى أمر بعض مؤسساتنا الرياضة ونشاطاتها من لا يتمتع بأخلاقها ، وباتت الأموال هى لغة الحوار فى كل شئونها ، بل ومن خلال شرائح تلك الأموال ، فأنت قدر ما تحتويه خزنة مؤسستك الرياضية أو حافظة نقودك الشخصية أو جيوب مريديك المخفية ، فأنت ممن يحق له الحصول أو اللجوء أو الفرض ، أو ممن لا يحق له الإعتراض ، فهناك شرائح تفترض ، وشرائح تعترض ، وشرائح تصول وشرائح تجول ، وهناك فاعل وهناك مفعول ، وهناك شرائح لا تمتثل لقانون وشرائح فسادها مرآى العيون ، حتى أصبحت التدخلات الخارجية فى شئون رياضتنا شيئاً مستباحاً طالما تمتلك الأموال ، فأصبحت الرياضة تباع وتشترى تحت لافتة الإستثمار ، ومن ثم يُفرض علينا ذلك ونُمنع من ذاك لأن الكلمة الأخيرة ودوام الحال لصاحب السمو وصاحب المال ، وطالما أن المال هو المتصرف فى الشئون ، فلا عجب أن تجد له إعلامه المدفوع مقدماً ، وأبواقه المشحونة مسبقاً ، وبين أموال تشترى وأخلاق تباع وإعلام يشرعن وأبواق تدعم زاد الإنكسار وتعمق الإنشطار ،وأصبح إصطياد الأخطاء منطقياً ، بل وتدبير المكائد للغير شيئاً طبيعياً ، ودخلت بيوتنا كل أنواع الشتائم والسباب ، وتشاحن وتعادى الشباب ، وظهرت جرائم لم نعهدها قط فى حياتنا الشخصية ، وأصبح هناك محكمة رياضية ، وتعددت أحكام الحبس والطرد والغرامة فى مؤسسات طالما إحتضنت القوامة والشياكة و الوسامة ، حتى صرنا نجهش بالضحك – بدلاً من البكاء – حين نرى الرجل يرتحل إلى دولة بعيدة فى أثر إحدى الفرق المصرية الرياضية ليشجع الفريق المنافس ، وله مؤيديه ومريديه هنا وهناك ، وكلهم يفتخرون به وبمن على شاكلته ذلك وذاك ، ويستضيفه الإعلام ليبرر موقفه ، وكنا من قبل نعد ذلك فى عصور من الرخاء قمة الخيانة والعمالة ، فتمنى أطفالنا مكانه اليوم ، وودوا لو يفعلون ويشتهرون .
.. وأصبحت جمل ( روح إشتكيه ) ، ( إطلع فى التليفزيون إشتمه ) ( إطلع على النت إفضحه وافضح أهل بيته ) بديلاً طبيعيا لجملة ( خلى روحك رياضية ) ، ومصر فقط هى المتضرر الوحيدة ، وهى فقط من يدفع الثمن .

فاستقيموا لعل الله يرحمكم

اظهر المزيد
728x90
728x90
previous arrow
next arrow
زر الذهاب إلى الأعلى