هل تريد المواعدة ؟
كانت هذه اول عبارة اخترقت صفاء ذهنى فى الصباح ..نصف عارية تراودنى عن نفسي استجدائا..لا ايتها العاهرة لا ارغب فى المواعدة..تجاوزت الخمسين منذ زمن وان سمحت اخلاقى بالخطوة الاولى..فسيكون من المعجزات أن تسمح صحتى بالثانية.
دفعتها ..فحل محلها النجم الشهير يحلل مباره الامس بين العتاولة والسيراميك … مباراة ميتة ولاعبين بؤساء استغرقت ساعتين ولكنهم يشرحونها فى اربع ساعات…انفعال وصريخ واتهامات وتحيزات…ولا كرة قدم.
امام سريري كرسيان..احتلهما رجلان بمنتهى الأناقة..خمنت أن الاول لا يشترى ملابسه جاهزة…لابد وأنه يتعامل مع مصمم ازياء ترزى محنك لتكون ملابسه ليس فقط بتلك الاناقه ولكن مقاساتها مضبوطه بمسطرة…لم اجرب أبدا أن تكون ملابسي بهذا التناغم والهندام ..كان يصف الأحداث بالسوداء والأتى اسود واضل سبيلا..لا شئ صحيح ولا أمل يرجى..وانا المتهم..والفاعل الرئيس..كيف وانا لا أغادر مسكنى الا إلى عملي؟
فى الكرسي المقابل له امسك الرجل الثانى بطبلة..أخذ يداعبها كمحنرف..يميل رأسه بتركيز ضابطا الايقاع وحوله تتراقص سيدتان فى عقدهما الخامس..ويرددون جميعا :
الدنيا ربيع والجو بديع.
ثم ترك طبلته واستل مسدس اطلق منه النار على محتل الكرسي الاول الذى أخرج قنبلة ألقاها عليه وظلا يتبادلان الطلقات والقنابل.
تركتهما وتوجهت للمطبخ فوجدت سيدة ترتدى جلابية بيتى…وأمامها حلل وسكاكين ومبشرة وغيرها من أدوات الطهى…كانت تشرح طريقه عمل المحشي ورق العنب والباذنجان .وختمت جلستها قائلة:
-المره الجايه بقي حعرفك ازاى تزرع اللحمه فى البيت.. وازاى تقدر تطبخ من اوضة النوم.
تعجبت…ما الذى سيدعونى لمثل هذه الفعله…يبدو أنهم اكتشفوا لحجرة النوم أغراضا جديدة ..سأنتظرها.
فى الصالة…تجمع خمسة شباب..ما بين العشرين من عمرهم او الاربعين..يرتدون ازياء عصرية..جلسوا عشوائيا بلا ترتيب..كانوا يتحدثون بطلاقة فى موضوعات شتى…اعجبت بمقدرتهم الرهيبه على الحكى…يتحدثون ولا موضوع…مجرد ثرثرة ..والعجيب اننى ظللت مندمجا..لخفة ظلهم وطلاقتهم….ثلاث ساعات مرت..انتهت جلستهم وخرجت منها بلا شئ..سوى رأس مشبعة بالهراء.
حل محلهم بنت صغيرة..لم تتجاوز العشرين فيما قدرت..ملأت وجهها اصباغا…ارتدت تيشرت خفيف وبنطلون ضيق..ولمدة دقيقة أو اقل اخذت تتلوى كثعبان…(قلبك بحر مالح)…تقترب وتتباعد.حركات اغراء بأداء محترفة..وتغنى..والمدهش انها تغنى بصوت ذكورى…(مشينا صح مش عاجب).
واختفت.
فى حجره الانتريه..وقف رجل ثلاثينى.. جلست امامه..بدء يتحدث عن الإرادة..وعن الامل..وأنه لا يوجد شئ اسمه مشكلة…وان صحتها تحدى..ينصحنى قائلا:
إستبدل كلمه تحدى بمشكلة وستكون قادرا على مواجهتها.
يخدعنى متلاعبا بالمصطلحات..اللعنه..أنهم يستبدلون كل شئ ..حتى المصطلحات القديمة…وكأنه لو أطلقنا على محسن اسم فوزية فسينقلب انثى..تغيير اللفظ لا يغير طبيعه الاشياء يا نصابين..سيظل محسن..وسيظل ذكرا..وستظل مشكلة.
ثم تكلم عن تجارب الناجحين وكيف بدءوا من الصفر…وان المشكله..اسف..(التحدى)..فى انا..والحل فى يدى..كان يمكن أن اتقبل حكمته ولكن حلمى مختلف..انا حلمى ان أصل إلى الصفر..مجرد الوصول للصفر فى حالتى..إنجاز.
بدلته وحدها تساوى مرتبي فى سنة…حسنا ايها الوغد…تعال..بمرتب ثلاثة آلاف جنيه واربعه اطفال وفشل كلوى…ارنى إرادتك فى مواجهه التحديات..تناولت سكينا اغمدته فى قلبه..حقدا ويأسا..
سقط على الارض لثوان..ثم قام فى ثوب جديد…اشيك من الاول.. التف حول إصبعه خاتم ذهبي..وفوق رأسه عمه ناصعه البياض..بدء يحكى عما حدث بين الحارث ابن حلزه وابن برقوقة…يحكى حكاية من الف سنة وكأنه رٱها بأم عينه وكان شاهدا عليها..يمصمص شفتيه ٱسفا على حالى الٱن..والدرس المستفاد ..أن القناعه كنز لا يفنى.
نظرت لصوره البومه المعلقه على الحائط…رفيقتى لثلاثين سنه…سجانى الأبدى…رمز قناعتى البائس الذى يحرض ابليس على التوبة لو رأها…سيدى الشيخ..انت متزوج من اربعة حسان….و انا قانع من ثلاثين عام…انا قانع قناعه الاستسلام…وعندى..لا خيط رفيع ما بين القناعه والاستسلام..انا قانع عجزا سيدى الشيخ..
فهل تعدنى الجنة؟
عدت إلى حجرة نوم هاربا..هاتفى المحمول على الكومودينو ووجدت الحجرة مزدحمة…رجال ونساء وأطفال..شباب مفتولى العضلات يرفعون اوزان ثقيلة…اطفال تغنى ..وآخرين يدبرون المقالب …مجموعات شتى بتبادلون الشتائم و اللكمات …شاب يدعونى للاستماع له لمده اسبوع وسأكون بعدها مثقفا كبيرا..
وآخر يعدنى بفورمه الساحل خلال شهر إن اعجبت به.
اختلطت الأمور فى ذهنى وفقدت التركيز… فجأة بدء هاتفى المحمول يتحول الى ما يشبه الشبكة ..ظلت تتضخم حتى ابتلعت كل الموجودين بالحجرة….سرت نحوها كالمنوم مغناطيسيا حتى وصلت الى منتصفها…إلتفت خيوطها حولى فأصبحت اسيرها…زاد الضغط على جسدى حتى وصل للأوردة…افترستنى عصرا ..إبتلعتنى..
حتى صرت لا شئ.
عدد المشاهدات : 38
مرتبط
زر الذهاب إلى الأعلى