الجامعة الافروآسيوية مصادر الطاقة الطبيعية للقادة
بقلم :
ا.د. محمد صالح الإمام
مستشار الجامعة الافروآسيوية
مما لا شك فيه أن النهضة التربوية والاستثمار في البناء البشري رسالة مقدسة تحمل الكثير من المفاهيم بل كل المفاهيم التي تساهم في تقدم الأمن وحمايتها وفرض سيادتها وارتقائها المتكامل ؛ فاليوم زلزال المغرب العنيف ، وتساقط بعض العمارات والابراج في عدد من الدول ومن قبله زلزال تركيا الذي أحدث دماراً بيئياً وبشريا هائلاً وغير مسبوق علي مدى قرن كامل ، وغير ذلك من التحولات البيئية المخيفة، جائحة كوفيد وما يحدث من نهب ثروات الشعوب وبعثرتها علي فئة تعيش في بذخ وترف وهذا الفساد والافساد يعد من اقوي واخطر أسلحة الدمار الشامل في نفوس البشر … وهنا يدق ناقوس الخطر لمحاسبة الذات مع التكليف الممنوح لها من الذات الإلهية مما يدفعنا إلي التريث في تنظيم السعات العقلية والدراسة العقلانية لعمليات التسارع والصراع في كل مناحي الحياة علي حساب الأعراف والاخلاقيات والعادات والتقاليد والقيم العليا وتناسوا هؤلاء اللاهون ما قاله أبو العتاهية عندما اختصر الدنيا في ستة أبيات شعرية، جميلة جداً ، فتأملوها :
- نأتي إلى الدنيا ونحن سواسية
طفلُ الملوكِ كطفل الحاشية
- ونغادر الدنيا ونحن كما ترى
متشابهون على قبور حافية
- أعمالنا تُعلي وتَخفض شأننا
وحسابُنا بالحق يوم الغاشية
- حور، وأنهار، قصور عالية
وجهنمٌ تُصلى، ونارٌ حامية
- فاختر لنفسك ما تُحب وتبتغي
ما دام يومُك والليالي باقية
- وغداً مصيرك لا تراجع بعده
إما جنان الخلد وإما الهاوية
نعم عشنا في الدنيا ووصلنا إلي الدونية التي عبثت بما شيء حتي وصل العبث إلي أصول الدين وبالتالي هان علينا أن يكون التخريب اسلوب حياة والفوضي هي الترويح فيها ؛ فما يحدث ، وبشكل غير مسبوق ، من زلازل مدمرة ومن براكين وحرائق غابات ومن أعاصير وسيول وفيضانات ومن احتباس حراري عالمي ، ومن تغيرات مناخية تنذر بكوارث بيئية وشيكة أو كما يقول أمين عام الأمم المتحدة جوتيريتش أنها أخطار تتجاوز قدرتنا على مواجهتها ، وهو ما يعني به أنها خرجت عن السيطرة لتصبح أخطارا بيئية داهمة ومنفلتة ، وأنها اصبحت تشكل تحديا وجوديا حقيقيا وتهديدا متعاظما لظروف الحياة الطبيعية الآمنة في كل مكان وبلا استثناء… فالعالم كله واقع حاليا في بؤرة التهديد والخطر… لا اعرف سببا محددا لهذا التزامن الغريب بين كل ما نسمع عنه بشكل شبه يومي من حوادث بيئية مؤسفة وصادمة ولم تترك قارة واحدة في العالم. الا وامتدت اليها واثرت فيها ، من الصين الي هاواي الي كندا الي الهند وباكستان الي بريطانيا الي اليونان الي الجزائر الي المغرب وتركيا، والانجرار علي هذا المنوال هو جزاء تابع لنفوس الأشرار
.. نعم لم يعد من قبيل المبالغة أو التهويل تصوير ما يحدث من تغيرات بيئية مدمرة بأنه تهديد وجودي للبشرية ولمستقبل الحياة علي الارض ، وليس خطرا عارضا او لا يخشي منه كما كان يظن في السابق …. تعالوا عقلاء الأمم التريث واتباع الحوكمة الرشيدة في كل أمور حياتنا للتغلب علي تداعيات الدمار الدائري الناتج عنها علي نحو ما رأيناه مع زلزال تركيا الذي كان يعادل في عنفه استخدام سلاح نووي كما قال الخبراء في وصفه وقتها.. وكذلك ما حدث في الشقيقة المغرب فقد ألحق الزلزال الذي ضرب جنوب غرب مدينة مراكش، “المدينة الحمراء”، أضرارًا بعدد من المباني والمعالم العريقة التاريخية، من أسوار، ومساجد، وحدائق، وقصور، وغيرها.. التي لطالما ميّزت هذه المنقطة وجذبت إليها السياح من أصقاع الأرض.
ويعتبر هذا الزلزال الذي ضرب عددًا من المناطق في المغرب بقوة 7 درجات على مقياس ريختر مساء الجمعة، بحسب “المعهد الوطني للجيوفيزياء” بالمملكة، الأقوى منذ أكثر من 120 عامًا، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية
لم يعد يجدي السكوت والدعوة الناعمة في الحد من الأحداث الداخلية في معظم بلادنا العالم بصورها المتباينة في تقطيع كتاب الله والفتن الطائفية والعائلية وخيانة المؤسسات المجتمعية والاجتماعية والانشغال بالذات العنادية بين الدول لصالح دول تقل الشيطان لأكبر في بناء السدود واشعال الحروب هنا وهناك على غرار الحرب الأوكرانية وما يحدث في السودان الشقيق من أمور في منتهي الوضوح لا لبث فيها وهي أمور لا اشك في أنها سوف تضاعف من تبعات هذا الدمار البيئي بما سوف يستخدم فيها من قتل ودمار و قذائف اليورانيوم المنضب ، بآثاره الاشعاعية المميتة والمستمرة ، تماما كما سبق لهم ان فعلوا عند غزوهم للعراق في ٢٠٠٣ وعبثهم في سوريا واليمن وليبيا والتبحر والجابون وتوابع الآثار الكارثية المتوقعة علي البيئة والانسان..
أن مع هذه التحولات البيئية المتسارعة والمرعبة ، فإن العالم كله يقف على حافة كارثة هائلة ومرعبة لا يعلم مداها إلا الله وحده، وعلينا أن نكون على مستوى التهديد والخطر ، حتى لا يكون في تقاعسنا وتخاذلنا وفي استخفافنا بهول ما لم نعد بعيدين عنه من دمار بيئي شامل نهاية الحياة….ولعل ما حدث اليوم ويحدث كل يوم يكون دافعا لخروج قادة العالم من غيبوبتهم، وحافزا لهم على تغيير أجندة أهدافهم وأولوياتهم…. وهكذا فعل العلماء القائمين علي تأسيس الجامعة الافروآسيوية إيماناً بأن ميدان التربية والتعليم هو البيئة الاكثر خصوبة والاكثر طبيعية في المحافظه علي كل البيئات في تنمية قدراتها و القدوة نحو تحقيق تكليفها مؤمنة بأن الأمم تقاس برجالها والمعلم والمتعلم هم صناع الرجال وبناة الفكر والنهضة والأعمدة الأساسية في أمن وأمان واطمئنان المجتمعات فاتخذت الجامعة الافروآسيوية منحي الحفاظ علي التعليم وكرامة المتعلمين بإعتبارهم نواة البناء في حالات التخريب وبناء المستقبل في حالات التعمير حفظ الله المملكة المغربية وسائر الأقطار الداعية للإنسانية والسلام … دامت الأمة الأفريقية والأسيوية وسائر القارات الإنسانية بكل خير ….