الجزء الرابع من ذكرى رحيل سيدة الشاشة
العربية فاتن حمامة
منعها من السفر ومحاولة المخابرات
المصرية لتجنيدها !!
لقد أصبحت فاتن حمامة ملء سمع الناس وابصارهم منذ فترة الصبا.؛ خاصة بعد أن بدأت رحلتها إلى القمة بدورها فى فيلم ( ملاك الرحمة ) بين يوسف وهبى وراقية ابراهيم ؛ وبدأت تصبح رمزا اجتماعيا للفتاة المصرية منذ النصف الأخير من الاربعينيات ٠٠ الفتاة بنت الشعب البسيطة ؛ التى تطحنها وتقهرها الظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد التى تثير تعاطف الرجل المصرى ونخوته ؛ وهو يرى فيها ابنته أو أخته أو حتى حبيبته ٠
ومرة وهى نازلة من سلم
مبنى الإذاعة القديم بشارع علوى لمحتها سيدة من عامة الشعب كانت تقيم فرشا على ناصية بالقرب من مبنى الاذاعة فأسرعت إليها وجسدها البدين يترجرج
وفوجئت فاتن بها تحتويها بين ذراعيها وتضمها إلى صدرها وهى تردد : ربنا يحفظك لشبابك يابنتى عايزه صورة افتكرك بيها ٠٠ والتفت فاتن إلى سكرتيرها.فؤاد الذى كان فى رفقتها ؛ فمد يده بصورة تحمل توقيعها ومدت بها يدها إلى السيدة التى رفعتها إلى شفتيها تقبلها وهى تتمتم : ربنا يحميكى ٠٠ يابنتى !!
ولم يكن سرا أن فاتن
فى ذلك الوقت ؛ ولفترة
تتعرض لمجموعة من الضغوط القاسية ؛ واقلها
أن تقابل بالمملكة والتسويف ثم الرفض من إدارة الجوازات والهجرة
اذا طلبت تأشيرة السفر للخارج لحضور مهرجان
سينمائي دولى ؛ أو الانضمام إلى وفد فنى يدعى لحضور أسبوع من أسابيع الافلام المصرية فى إحدى العواصم العالمية؛ أو إذا كانت تطلب تأشيرة الخروج لزيارة ابنتها.نادية ذو الفقار وابنها طارق عمر الشريف المقيمين فى باريس ٠٠ وكانت تحس ان خطواتها محسوبة عليها !! وكأنها موضوعة تحت منظار وتحت المراقبة !! وتتحرك خلال حصار غير مرئي ٠٠ هل لنها صديقة ( لعلى امين)
و(مصطفى امين) الذى كان فى تلك الأيام.يعانى من اتهام السلطة له بالعمالة والتخابر مع أمريكا وقبض عليه ؛ وكانت فاتن تقضى الكثير من الوقت بصحبة على امين وزوجته الصحفية (خيرية خيرى)
اللذين يقيمان فى شقة مجاورة لشقتها.فى عمار ليبون بالجزيرة ٠ وانتقلت فاتن حمامة وهى فى أوج هذه الظروف العصيبة الضاغطة لكى تمثل بطولة فيلم (سعد.عرفة)
( الاعتراف ) فى الغردقة
فأخذت فى الغربة فى الفرقة افسيرىما يحدث لها فوجدت النتيجة لأنها لم ( توافق على طلب ضابط المخابرات المصرية بالانضمام إلى المخابرات المصرية والتعاون معها مثلما فعل بعض الفنانين والفنانات
للاسف الشديد ؛ وقد تعلمت بانشغالها بالفن طوال الوقت والأيام التى لم يكن عندها تصوير فيها تسافر الى ابنتها نادية وابنها طارق فى باريس !!) ٠
ويظهر أن ردها لم يعجب القيادة السياسية فاصبحت الحرب ضدها عن طريق وسائل الإعلام (حملات ممنهجة ضدها)
على بعض الصفحات الصفراء لبعض الصحف والمجلات المصرية والعربية !!
وفى اخر ايام تصوير فيلم الاعتراف فى الغردقة.٠ كانت فاتن حمامة قد أعدت.عدتها
لكى تسافر فى رحلة الهجرة الجبرية.خارج مصر بعد أن رتب لها الرحلة على امين فى سرية تامة !! واعطاها
( زكريا محيى الدين )
الذى كان صديقا شخصيا لها ولعائلتها.تاشيرة خروج بعد أن لجأت إليه وشرحت له مطاردة المخابرات المصرية لها ومحاولة تجنيدها فتعاطف معها واعطى لها.تاشيرة خروج !!
سافرت فاتن فى هجرة جبرية لأكثر من٧ سنوات
قضت فاتن سنوات الهجرة الجبرية متنقلة ما بين باريس ومدريد ولندن ؛ وغابت عن الساحة الفنية فى مصر؛
مما أعطى الفرصة لظهور جيل جديد من الفنانات امثال : نجلاء فتحى/
ميرفت امين/ مديحة كامل/نادية الجندى/نبيلة عبيد وغيرهن من الظهور والتربع على الشاشة المصرية !!
وبدأت الدولة فى تصفية
القطاع السينمائى العام بحجة أنه كلف الدولة خسارة وصلت إلى حوالى ٨ ملايين جنيه ٠
وبدأت مساءلة ومناسبة شركات الإنتاج ؛ وبدأ انهيار السينما المصرية !!
وسدت منافذ الإنتاج السينمائي وقيدت !! بما دعا.عدد كبير.من كبار الفنانين إلى الهجرة إلى بيروت.عاصمة لبنان فانطلق إليها عماد.حمدى
وزوجته نادية الجندى/
فريد شوقى/اسماعيل ياسين وبعض كبار المخرجين مثل بركات/
يوسف شاهين وغيرهم والسيناريست عبد الحى اديب ٠
هجمة شرسة ضد فاتن
وإقالة رئيس التحرير!
واول ما علمت المخابرات المصرية بسفر الفنانة فاتن حمامة حتى تبنى البعض حملة إعلامية شرسة ؛ وذهب بعضهم القول صراحة :
أنها تركت مصر للجرى وراء زوج لم يعد يهتم بها.!! وغالوا كثيرا فى الهجوم على عمر الشريف لانه أيض رفض التعاون مع المخابرات المصرية ولم يزور مصر حتى لا يقابلهم وينفذ مطالبهم الدنيئة!!
فقالت عنه بعض الصحف الصفراء ( أنه ليس مصريا وهو صهيونى من اصل يهودى وليس عنده اى وفاء لمصر !! ) ٠
وكان أكثر الهجوم الاعلانى على فاتن ( كاريكاتير ) معيب للفنان ( عبد السميع )
الذى كان يعمل فى دار الهلال نشرته مجلة ( الكواكب ) يصور فاتن حمامة تجرى لاهثة وراء
عمر الشريف وتحاول اللحاق به من الخلف وهو يجرى منها وسط النساء العاريات فى شوارع باريس !!
وكان يرأس تحرير مجلة الكواكب فى ذلك الوقت
الناقد ( سعد الدين توفيق) وهو الذى سمح بنشر الكاريكاتير لعبد السميع ؛ وغضب ( احمد بهاء الدين ) رئيس دار الهلال ٠ فأمر بإصدار قرار ( بإقالة سعد الدين توفيق من رئاسة تحرير مجلة الكواكب وتعيين الكاتب/ رجاء النقاش رئيسا لتحريرها) ٠
فاتن حمامة ونكسة ٦٧
كانت فاتن حمامة فى الغربة وقت نكسة ١٩٦٧
وبدأت شاشات التليفزيون العالمية تنشر حقيقة ما يجرى فيما سمى بحرب الأيام الستة
ورأت فاتن فى رعب جنود.الجيش المصرى يهاجمهم الطيران الإسرائيلى وهم يزحفون
منسحبين فوق رمال سيناء ويبيد المئات منهم
ورأت الطائرات المصرية تضرب وتحرق وهى رابضة فوق الأرض وممرات مطاراتنا تخرب بحيث لا تستطيع اى طائرة الاقلاع ؛ رأت فاتن كل هذا وكان يفزعها.ما تسمعه من أنباء وادعاءات وأكاذيب من إذاعات مصر وشاشة التليفزيون المصرى إلى البيانات الحربية الموجهة الزيف والكذب على الشعب المصرى !! وذهبت فاتن إلى السفارة المصرية فى لندن ؛ وسط مجموعة من الجالية المصرية اامقيمة فى العاصمة البريطانية للتظاهر وابداء الغضب على مزاعم الإذاعات المصرية وهم يحملون لافتات مكتوب عليها :
( قولوا لمصر الحقيقة ٠
لقد هزمتم مصر ) !!
ولم يكن هذا الحماس من.فاتن.وليد اللحظة
ولا وليد الاحساس بالقهر
والهزيمة المفزعة إذ بعد.ستة ايام فقط كان جنود إسرائيل يقفون على الشاطىء الشرقى
لقناة.السويس ؛ ويخلعون أحذيتهم ويغسلون أرجلهم فى مياه القناة ؛ على مرأى
ومسمع من العالم !!
وتذكرت فاتن فى تلك اللحظة حماسها وقت
تصوير فيلم ( لا وقت للحب) حيث كانت تنفجر حماسا ووطنية
وتختار أن تجمع التبرعات للفدائيين الذين يعملون ضد معسكرات الجيش البريطانى وجنوده فى القناة ؛
وتذكرت فاتن ايام المدرسة وهى بنت مصرية تلميذة فى مدرسة ( الأميرة فوقية)
وخرجت فى مظاهرات مع زميلاتها وكانت الكاتبة الكبيرة ( حسن شاه ) زميلة لها ؛ وهتفت
فاتن بعد.ان حملتها
الزميلات على أكتافهن بالهتاف(يسقط صدقى)
( يسقط بيغن ) وهاجم جنود.البوليس المظاهرة
ونالت زعيمة الهاتفين فاتن حمامة علقة ساخنة تركت فىةجسدها.بعض
الكدمات !!
فاتن ٠٠ وعبد الناصر
وصورة يوليو !!
كان حب مصر ووطنية فاتن حمامة لم يكن محل شك ؛ كان يبكيها ويملأ عينيها بالدموع ما
تراه من صور فى معسكرات اللاجئين بعد.النكسة الفلسطينية ؛
وعاصرت.حماسها وإصرارها لأن ينتج الصديق حلمى حليم
فيلما يناقش النضال فى فلسطين يخرجه ( كمال الشيخ ) هو ( ارض السلام ) كان.الفيلم يناقش الفدائيين فى نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلى ٠
أجابت فاتن حمامة ذات.مرة على سؤال وجه اليها الكاتب ( عبد النور خليل) : –
لماذا الموقف.المضاد من
ثورة ٢٣ يوليو ؟ فأجابت
(.فى البداية كنت مؤيدة جدا لجمال عبد الناصر كان.بالنسبة لى رمز وشخصية اعتز بها مثلما اعتز بها الملايين من المصريين والعرب ؛ وكنت واحدة من الذين يرفعون العلم ،٠٠ لم أكن أملك أرضا أو شيئا أخذته الصورة منى –
ولكن عبد الناصر – حدد الملكية ب٢٠٠ فدان وأعلن أن هذا تحديد نهائى – لكنه بعد فترة أعلن عبد الناصر تحديد.ااملكية بمائة فدان !! فقلت : أنه مخادع !! من هنا بدأ احساس به وحماسى ينزل.٠٠ ثم رأيت ظلما كثيرا حولى ٠٠ ظلما غير طبيعى !! أناس ياخذون من بيوتهم إلى السجن فى نص الليل وسيدات.
تبكى !! رأيت حولى اشياء فظيعة ٠٠ وانا اتكلم كانسانة وكنت اعيش فى كبت وحبس للاننى كنت لا استطيع السفر دون مراجعات لا لزوم لها !! وظروف المتحكمين فى البلد من مخابرات ومضايقات!!
وكانت طوال سنوات الغربة الإجبارية كانت تحس بان.مصر زعلانة
منها عن.غيابها عنها فى الخارج ؛ وكنت لا استطيع الإفصاح عن سبب سفرى وغربتى عن مصر فى ذلك الوقت !!
طلب منها يوسف
ادريس عبر الإذاعة المصرية أن.ترجع مصر
حدث مرة أن تلقت مكالمة من د يوسف ادريس الذى قال لفاتن
انه يحدثها من الإذاعة المصرية والحديث مذاع
على ااهواء