إلى «مقاول التحريض».. عمرو دياب ملك نفسه وجمهوره !
بعيدًا عن السياسة ، وبعيدًا عن محتوى فيديوهات الممثل “المقاول” ، يبدو أن الحملة الممنهجة التي يتبناها هو ومن وراءه قد اتخذت منعطفا جديدًا ، فلا خلاف أن اللعب على وتر الفقر مثير للعاطفة ، ولكنه في ذات الوقت أداة مؤثرة جدًا في التحريض الذي بدأ “المقاول” ممارسته على الفن المصري، وبالطبع لم يجد أفضل من أهم رمز فني في مصر والوطن العربي خلال الثلاثين عامًا الماضية وهو عمرو دياب ليكون هدفًا ووسيلة لإيصال رسالة مضلله مفادها إثارة المواطنين على نجوم الفن .
استشهد المقاول بتعاقدات نجوم الفن المصري وفي مقدمتهم عمرو دياب مع وزير هيئة الترفيه السعودي تركي آل الشيخ مدعيًا أنها إهانة للفن المصري ، ولا أعرف في الحقيقة ما الإهانة في تعاقد نجم كبير مع مسئول مهم في دولة على إحياء حفلات غنائية ضخمة بمشاركة نجوم عالميين.
أفهم جيدًا أن “المقاول” ممثل مغمور ، ولدية أزمة تجاه النجومية التي حاول شرائها بأموال “المقاولات” مرارًا وتكرارًا ولم يفلح ، ولهذا من الطبيعي أن يكون نجوم الفن هدفًا خفيًا ضمن أهداف حملته المشحونة بمفاهيم ورسائل مغلوطة ، فإذا كان المقاول يلقي اتهامات الفساد يمينا ويسارًا استنادا على فكرة “إهدار أموال الدولة” ، فما دخل هذه الفكرة بعمرو دياب كفنان ينتمي للقطاع الخاص هو في حد ذاته “مؤسسة خاصة” تمثل استثمارًا يدر دخلًا بالعملة الصعبة لخزينة الدولة!.
فنان كبير بحجم وقيمة عمرو دياب هو ملك نفسه وملك جمهوره ، وجزء مهم لا يتجزأ من قطاع خاص كبير يستثمر في مجال الفن ، وهو نفسه ساهم بدوره في هذه العملية سواء كفنان أو منتج لأعماله ، وبالتالي لا يحق لـ”المقاول” أو غيره إملاء أوامره ووجهات نظره والقاء الاتهامات في حقه بالتعاون مع شخص أو جهة طالمًا إن هذه التعاقدات والشراكات في إطار قانوني.
يهاجم “المقاول” تعاقد عمرو دياب مع وزير هيئة الترفيه السعودية ، وهو لا يرى أن هذا التعاقد وتعاقدات أخرى عديدة لـ”الهضبة” خارج مصر تساهم في دخل للدولة عبر الضرائب والتي أعلم جيدًا أن عمرو على رأس قائمة قليلة جدًا من الفنانين الذين يحققون ضرائب للدولة من حفلاتهم بالخارج.
ثم إن ما يقدمه عمرو دياب هو في النهاية مُنتَج فني ، من حق الجمهور أن يقبله أو يرفضه ، وهذا ينطبق على أعماله مع كل الملحنين والشعراء والموزعين بما فيهم تركي آل الشيخ الذي كان عمرو دياب أول من أعلن التعاون معه كشاعر على الملأ دون خجل أو مواربة، مثلما قدم من قبل عشرات الشعراء والملحنين للساحة ، فهل هذا يعيبه ، أم أن المعيار الصحيح للتقييم هو القيمة الفنية لما يقدمه ومقدار نجاحة أو فشله بين صفوف الجماهير؟!.
بل إنه لعب على وتر شراء السعودية للفنانين ناسيًا أو متناسيًا أن عمرو دياب طوال تاريخه مثلما تعاون مع شركات إنتاج مصرية ، كذلك تعاون مع شركات سعودية ولفترة طويلة مثل “روتانا” المملوكة للأمير الوليد بن طلال، بالإضافة إلى أن “أم أبناءه” تحمل الجنسية السعودية، مما يعني أن علاقتة المهنية والانسانية ممتدة مع السعودية منذ زمن بعيد ، ناهيك عن الطرح الساذج لفكرة شراء السعودية للفنانين مقابل مئة أو مئتين مليون جنيهًا، وهو رقم في الحقيقة قد يكون أقل بكثير مما حققه عمرو في مشواره الفني الممتد لثلاثين عامًا، نال خلالها العديد من الجوائز العالمية، والفنان الوحيد في الشرق الأوسط الذي دخل موسوعة “جينيس” لنجاحاته الكبيرة ، وأحيا خلال مشواره مئات الحفلات الناجحة حول العالم .
يعيب “المقاول” على النجوم لأنهم يتعاقدون على إحياء الحفلات وتقديم البرامج والعروض بحثًا عن المال ، في حين أن أزمته هو الشخصية تتمحور حول المال فقط ، فلا هو زعيم ولا مناضل ، فلماذا يمنح نفسه حقًا ويطالب بمنعه عن آخرين؟
من حق أي فنان أن يعمل وينتج ويقدم ابداعه ، وهذا الابداع استثمارًا خاصًا من بين الاف الاستثمارات التي تضخها رؤوس أموال مصرية وغير مصرية في شرايين الوطن ، ومن حقنا كمستمعين ومشاهدين أن نعقل ما نسمعه ، خاصة أن من منح نفسه حق الحديث عن “المال العام” أصبح الأن أيضًا يمنح لنفسه حق الخوض في “المال الخاص” ومحاسبة الناس على نجاحاتهم وأعمالهم .