أكلم الله…
انا أكلم الله..
فى صلاة الاستخارة أو وقت الحاجة..
بلا إجابة حتى الآن ولكن يكفينى شعورى بأنه قريب وبأنى أكلمه…أبث إليه ضعفى وقلة حيلتى ومخاوفي التى تحاوطنى كجلدى..
حياة المطلقة ليست سهلة…اللقب يثير رائحة فى الهواء تجتذب الطامعين والحالمين والكلاب..
عندما رٱنى للمرة الأولى آثرته…فى اليوم التالى عرض على الزواج…بحكم وظيفتى وسمعتى التى لا غبار عليها علم بأنه لن يستطيع امتطائى الا بورقة مختومة…
لا أقبله شكلا…ولكنه موضوعا أثار أحلامى…ثروته الكبيرة ومنصبه الرفيع تغرى اى انثى وتجعل من قرار الرفض مستحيل…ولكننى رفضته…لبس فارس احلامى وكرشه الهائل وقفت حائلا ما بيني وبين تقبله…
خمس سنوات مرت وفى كل سنة يجدد عرضه واجدد الرفض…فكرة الزواج نفسها بعيدة عنى بعد تجربتي الأولى المريرة…استجمعت شجاعتى فقط فى السنة الأخيرة وفتحت الباب للخطاب…فكان على رأسهم ..هو أغناهم وأكبرهم منصب ..فصليت صلاة استخارة وبدأت فى محادثته وتبادل الرسائل معه..
الهالة التى من حوله أقنعتنى لتقبله…واجهته باسباب رفضي من أنه متزوج بالفعل وبأن شكله لا يعجنى… أحضر زوجته فى اليوم التالى لمقر عملي لتبلغنى بموافقتها:
– وماله…لو عايز يتجوز براحته الشرع محلل أربعة.
وفى اليوم الذى يليه عرفت منه أنه يسعى لتخفيف وزنه بالحقن ولو دعا الأمر سيجرى عملية تخسيس..
اعجبني اصراره واستعداده للتحول من أجلي…ومن أنا بحانبه؟ المغريات المادية التى عرضها كانت لا تقاوم…لكن شيئا فى داخلي كان رافضا…مكالماته الليلة وايحائته كانت تقلقنى…لم انزعج منها تماما وكنت اضحك عليها مع صديقاتى إلى أن أرسل إلى فيديو به صوت امرأة تصرخ بطريقة مائعة…اتصلت به فورا..فاعتذر قائلا بأن الصوت يخص زوجته…لم افهم..ولكنى تقبلت… فبدأ يرسل لى محادثاته مع نساء أخريات..محادثات كتابية وصوتية…يريد أن يعرض على نفسه فى صورة الولد الشقي أو الرجل المرغوب…عقدة شكله وإحساسه بنقصه الذكورى دفعته لذلك..حادثته فى الأمر فقال إن النساء تلقي بنفسها تحت قدميه..وأنه مندهش لترددى فى قبوله…مضت أيام وهى يرسل عشرات المحادثات وأغلبها قذر حتى مللت وأيقنت انى لن أحبه…أكد شعورى ظهور حسام…زميلي فى الشركة والذى انتقل للعمل بالاقصر ثم عاد بشكل جديد…
احببته بمجرد حديثي معه…ظروفه العائلية مناسبة لى فهو مطلق مثلي…ويعول مثلي…واتفقنا على كل شئ برغم الصعوبات…للحب قواعد أخرى لا تنتمى إلى هذه الحياة..
كلمت الثري وافهمته أننى لا أقبل الزواج منه…وهنا ظهر وجهه الحقيقي ..فقال:
– انتى مجنونة ولا ايه؟ انا مترفضش..مفيش حد يقولى لا..
أنا سليل الكرام…جدى كان باشا ومن سلسال الرسول ..وايويا شهيد حرب…وامى من نسل الصحابة…انتى عارفة أن السيدة زينب حسست على شعرى…عارفة انا عندى فلوس اد ايه…انتى ترفضيني؟ اقسم بالله لو عايز لابعت ناس تجيك راكعة قدامى؟ ولو انتى مش عايزة م الاول كنتى بتكلميني ليه وفضلتى معايا شهور؟…فاكرة نفسك هتتجوزى غيري..انت بتحلمى…ده انا افعصك انتى و هوا…يا انا يا مفيش..وانتى تطولى أصلا..انتى جنبي حشرة.
أغلقت هاتفى مرتعبة…وعملت حظر لكل أرقامه…شخص قذر كنت أعلم قذارته لكنى استمريت فى محادثته طمعا فى خدماته…كنت غبية…لكل شىء ثمن..وها أنا مطالبة بدفع ثمن غالى لا أقدر عليه…
تهت وخفت وفكرت فى أننى لو تزوجت حسام فلابد أنه سيعرف قصتى…سيحرص القذر على ذلك وربما نفذ تهديده ودبر لنا أذى ما…خوفى وهواجسي دفعانى للاتصال بحسام…وحكيت له ما جرى…فى البداية حكيت ما أريد أن أحكيه…كنت خائفة أبحث عن دعم وطمأنينة من شخص قريب…لكنى فوجئت بردة فعله…حيث استهان بالتهديد وتحول لمحقق شرس حاصرني بالأسئلة:
عرفتيه امتى؟ ومنين؟ خرجتى معاه؟طب قولتيله حاجة خلته يهددك كده؟ عشمتيه بحاجة؟
لما عرفتى وساخته ليه ما قطعتيش معاه ؟ اه عشان مصلحة؟ تصرف وسخ منك…
طب بتحكيلي ليه دلوقت؟خايفة حاجة تحصل بعد الجواز ؟ايه هيا؟ هوا ماسك عليكي حاجة؟
جرحتنى اسئلته كسكاكين تغرز فى لحمى….عرانى وألقى بي فى الجحيم….إجاباتى دفعته لمواصلة طعنى بأسئلة جديدة..أهانتنى كلماته المسمومة وسرت فى عروقى تكويها …نصب نفسه قاضيا وجلادا…ليس ساذجا على أية حال… شعرت به كشيطان فى لحظات واستجمع ما اخفيته من وراء كلماتى.
استعرت سلاحا للدفاع عن نفسي قائلة:
– انت الظاهر الستات الوسخة اللى كنت تعرفها خلوك تفتكرني زيهم.
وأغلقت الهاتف..
تدريجيا رأيت خيوط قصتنا تذبل وتموت موتا فجائيا….ليس الرجل الذى توقعته ورأيت نفسي من خلاله فى أبشع صورة…ورايته هو الآخر على حقيقته…أخذ يشخر ويسب ويلعن وكانه يحدث امرأة من الشارع…هو من الشارع أصلا رغم طبيعة عمله الراقية..وقت الخلاف أصله طغى عليه فبانت أخلاق الاحياء الشعبية…
وانا؟ من انا؟
لماذا قبلت الاستمرار مع الاول ولو لدقيقة بعدما تبين قذارته؟
ولماذا سأستمر مع حسام بعدما رآنى فى هذه الصورة وشككنى فى نفسي…كلمته أبحث عن دعم وسند فى محنتى…فأبتعد ورمانى بالحقيقة كجمرة نار فى يدى وعلى وجهى.
لم أذق للنوم طعما فى تلك الليلة السوداء….وفى الصباح قررت مصيري…سأذهب مع المال والمنصب…سيحمينى ويحمى أولادى..وان كان على عيوبه فمن منا خال من العيوب..من بشتريني…سأبيع نفسي له مادام الثمن غالى.. الطمأنينة… أبحث فقط عن أمان.. أنا ضعيفة وخائفة لا غير..
بدون استخارة هذه المرة…
رفعت الحظر عن رقمه وارسلت له رسالة من كلمتين :
– أنا موافقة.
أكلم الله…
أكلم الله نعم..
لكنها حياة قذرة.